المشهد المصري واليقظة الجديدة
د.مهند مبيضين
04-07-2013 04:21 AM
منذ ثلاثة أعوام والتفكير في الأردن، ينحصر في اللعب على عنصر الزمن، والحلول الوقتية وكسب الرهان ومحاولات الاحتواء للناشطين وللمطالب التي رفعها الناس، ومع ان ثمة إصلاح هادئ تحقق كما يرى كثيرون، وبعض الأمور أنجزت بالنظر لما كان يرفع من مطالب، إلا أن الركون للدعة والاستراحة قد يكون فعلا خارج دائرة الزمن ومجريات المنطقة.
واليوم يعود الشباب المصري ليقدم رسالته البليغة للشباب العربي، على مستوى الفعل والتنظيم، فهذا شباب استطاع برغم الحالة الثورية التي كانت سائدة في بلده، أن يوقع 24 مليونا من الشعب المصري على استمارة التمرد التي غلفت مصر بظلال الثورة الجديدة واستنهضتها.
اليوم تعود رسالة الشباب من جديد، ونحن نتفكر ونحلل في الظاهرة المصرية وكأن ما جرى في مصر يظل شأنا مصريا خالصا، وبينما هو في حقيقيته وعمقه يظل كذلك، إلا أنه قد يتحول حدثاً قابلاً للتصدير والتكرار، وهنا علينا أن نسأل ماذا فعلنا هنا لمواجهة مطالب الحرية والتغيير التي تكرسها الحالة المصرية وتصر على أن تكون هي الثورة الحقيقية التي تغير وجه المنطقة، بغض النظر عمن يقف وراءها؟.
وفي الموقف المصري عدة رسائل تتجاوز الحال المصري، ولكنها تمكن من استعادة القياس على ما يحدث عند جماعة الإخوان كجماعة غالبة، أو متغلبة على الحكم، مقارنة لحالهم في الدول الأخرى، وهو ما يمكن الجماعة من الاستجابة للتحدي الماثل والمستجد، باعتبارها خسرت نموذجها المصري المحتذى.
وفي المقابل، ثمة رسائل موجهة لكيفية التعامل مع القوة الضاربة للشباب في الشارع والمؤسسات ومرافق الدولة، والسؤال هنا هل حقا أن كل شباب الأردن الذي يوجد منهم نحو ربع مليون على مقاعد الجامعات وربع آخر عاطل عن العمل، هم على استعداد للانضباط الكامل وفق خط الدولة وما تريدة وما تفكر به، او أن هناك نخبا لهم من التأثير الكافي لاحلال العقلنة بين صفوفهم؟.
بين جيل الشباب الأردني ثمة هوى وتعطش للتغيير الهادئ غير المكلف، ولكن هؤلاء الشباب لم يكن هناك أحد يخاطبهم بما يميلون إليه، وما صدر من مبادرات وحوارات ومحاولات نقاش يبقى ضمن فكرة واحدة يفكر بها القائمون عليها، وهو كيفية الاحتواء المغلف بكل مظاهر الديمقراطية، والحرص على المستقبل والعدالة. على الأقل تلك رسالة نبيلة، لكنها عند الشباب الأردني غير ممأسسة بالقدر الذي يحولها لغاية وانجاز.
وليعلم هؤلاء أن الشباب الغاضب على مصر كان قد ازدرى كل ما قيل له عن الديمقراطية والعادلة لأنه ظل يمارس دور المستمع، ولما آن اوان الغضب قدم ما عنده.
اليوم خطابنا تجاه الشباب يفتقر للإبداع والـتأثير، ويفتقر لتوظيف القوة العاقلة والفاعلة فيهم، ويرمي بها إلى احضان مجهولة، ولعل مشهد جامعة مؤتة وعنفها يبدو كافيا لتمثل الحالة على وجه الدقة، وفي المقابل تحاول نخب مجربة ان تجعل نفسها ناطقة عن الحرية والتغيير، وهذه النخب للأسف أيضا لا تملك الحشد ولا التأثير ولكنها قد تنجح في الضغط على البلد من خلال قوى خارجية.
الدستور