تسونامي «التحرير» يطوي صفحة الإخوان
إياد الوقفي
03-07-2013 03:32 PM
يقرأ بعض المراقبين والمحللين البيان الصادر عن المؤسسة العسكرية المصرية باعتباره انقلاباً ومدخلاً للجيش لادارة الشأن السياسي, رغم أن البيان الصادر عن وزير الدفاع السيسي يدحض كل هذه الادعاءات ويؤكد بما لا يقبل التأويل ان المجلس العسكري لن يكون طرفاً في السياسة او الحكم, وإنما يأتي في اطار مسؤولية الجيش في الحفاظ على الامن القومي للدولة المصرية, حقناً للدماء ومنعاً للمصادمات وسبيلاً لانهاء فتيل الازمة التي دخلتها البلاد بعد حكم سنة كاملة تفرد خلالها مكتب الارشاد برسم السياسات عبر مندوبه في القصر الرئاسي.
البيان يشكل انحيازاً واضحاً لمطالب الشارع المصري وتعاملت معه وسائل اعلام غربية على انه بداية النهاية لحكم الاخوان حيث وصفته صحيفة لوس انجلس تايمز بأنه اشارة واضحة للرئيس المصري محمد مرسي وجماعته على نفاد صبر الجيش بعد اشهر من الاضطرابات والازمات الاقتصادية واعتبرت الصحيفة ان الكلمات التي انتقاها السيسي في بيانه تعبر عن سخط تجاه مرسي وربما معارضيه..
مهلة الثماني والاربعين ساعة التي منحها البيان العسكري تنتهي اليوم الاربعاء مما يطلق العنان ويفتح الباب امام التكهنات والاحتمالات حول شكل خارطة المستقبل التي تحدث عنها الوزير السيسي في ادارة شؤون البلاد وتأتي في مجملها وفق سيناريو يفضي الى الاعلان عن موعد انتخابات رئاسية تمهد لها حكومة بصلاحيات واسعة تشارك فيها جميع الاطياف دون استثناء لأحد.
البيان العسكري قوبل بترحاب وتثمين من جانب المعارضة المصرية التي اعتبرته انتصاراً للارادة الشعبية, وتلاه بيانان للداخلية المصرية وحركة تمرد أيدا ما جاء فيه لإعادة انتاج ثورة 25 يناير وتصحيح مسارها فيما قوبل ببيان مضاد من بعض تيارات الاسلام السياسي, ووجهت هذه التيارات دعوتها لمؤيديها الى الاحتشاد والتجمع في الميادين العامة للدفاع عن «الشرعية» التي اختزل هذا الفصيل مفهومها في صناديق الاقتراع.
التسونامي البشري الهائل, الذي اخترق شوارع وميادين مصر, احتجاجاً على السياسات الاخوانية يكشف مدى سخط الشارع على هذه السياسات الاقصائية التي لم يعد يجدي معها نفعاً اسلوب المراوغة السياسية التي وصفها المفكر الدكتور سعد الدين ابراهيم بأنها الاساس لنهج عمل مكتب الارشاد, فالرئيس مرسي على حد وصفه هو شخص قليل الحيلة.
بيان الجيش المصري يضع لبنة ودعامة قوية في مواجهة حكم الاخوان واضافة نوعية تعيد التوازن السياسي الى الحالة المصرية بعد عام على حكم الاخوان الذي حكمت عليه الحشود المصرية بالفشل وتجلى ذلك بتظاهرات واعتصامات غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث.
جوهر البيان العسكري يجسد مفهوم البناء لدولة حديثة تعددية ويشكل حماية لمصر من مخاطر الاقتتال الاهلي والطائفي.
أمام اخوان مصر فرصة تاريخية عليهم ان يستثمروها بقبول مبدأ الانتخابات الرئاسية المبكرة، لأن فيه حماية للمجتمع المصري وتيار الاسلام السياسي على حد سواء، حتى لا يجد المنضوون في هذا التيار انفسهم مرة اخرى خارج المشهد.
الساعات القليلة المقبلة هي حاسمة في تاريخ مصر، وعلى الاخوان ان يمتثلوا لرغبة الشارع ويبتعدوا عن ممارسة العناد السياسي الذي من شأنه ادخال البلاد في دوامة عنف لا احد يعرف متى ستنتهي، وكيف؟
"الرأي"