ساعات حاسمة في تاريخ مصر العروبة
أ. د. حسين الخزاعي
02-07-2013 10:42 PM
الجيوش العسكرية الناجحة، تستند في مقومات عملها على الانضباط، والانضباط في المدرسة العسكرية يعني الضبط والربط ، والضبط والربط يعني الجدية، والالتزام، والدقة، وحسن أداء الواجب، واحترام حقوق الآخرين، والقدرة على التمييز بين ما هو مشروع وجائز، وبين ما هو محظور وغير مباح.
اخترت هذه المقدمة العسكرية للاشارة الى مهلة الاسبوع التي حددها وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي والتي انتهت مساء الاثنين ( الأول من تموز) وطالب فيها كافة القوى السياسية في مصر ان تتوافق على حلول ترضى كافة الاطراف وتلبي المطالب الشعبية كافة.
انتهت مهلة الاسبوع ، والتزم الجيش المصري بالشرف والميثاق العسكري، والجيوش لها ادواتها ومهمهاتها في رصد وتحليل المواقف للتدخل والعمل الفوري، انتهت مهلة الاسبوع ، وثورة الانفوميديا سريعة الايقاع تجول وتتجول وتنقلنا من ميدان إلى ميدان في بث مباشر لبث ما يجري في ميادين التحرير في محافظات مصر كافة ، لقد نسي الرئيس المنتخب بان فوزه في الانتخابات الرئاسية كان بفارق ضئيل جدا ( 51%) مقابل (49%) على منافسة احمد شفيق بعد ثورة شعبية دفعت الرئيس المصري السابق حسني مبارك للتنحي، لم يقرأ الرئيس مرسي ولا حزب الاخوان المسلمين ولا المرشد المقيم في المقطم دلالات واشارات هذا الفوز الاخواني - الهزيل -، إذ لو كان للاخوان شعبية لما حصد الفريق شفيق (12) مليون صوت وازيد قليلا منها مليون صوت في محافظة القاهرة لوحدها ، بل قرأ الاخوان فوزهم من زاوية أخرى، من زاوية لعبة - التكويش – والاستيلاء على مفاصل الدولة وتجيير كل شيء في الدولة لصالحهم، ووضع استراتيجيات لخدمة المرشد ونائب المرشد لحزب الاخوان المسلمين في المقطم بدء من تعديل الدستور ووضع كافة السلطات تحت – ابطهم - والتفرد في قراراتهم.
مصر بعد عام تنتفض ، شعارات وهتافات لا تجامل ولا تراوغ ولا تهادن، هتافات لم نسمعها من المتظاهرين ابان ثورة 25 يناير والتي اطاحت بالرئيس مبارك ، هتافات لم تقرا من الرئيس محمد مرسي ولا من مستشاريه، ولا ادري ماذا يفسرون هتافات " "إرحل.. إرحل"، او " الشعب يريد إسقاط النظام"، "الشعب يريد اسقاط الإخوان"، "إرحل يعني إمشي يا اللي ما بتفهمشي"، "متعبناش متعبناش الحرية مش ببلاش""، يسقط يسقط حكم المرشد". هذه العبارات المدوية في ميادين التحرير لا ادري هل فكرها المرشد ونائبه والرئيس والمستشار والجماعة" لعب عيال ". وهل الجيش المصري المنضبط الذي راقب ويراقب الشارع والغضب المصري سيسكت على ما يجري في ميادين مصر، ام مهلة الاسبوع التي منحه اياها الجيش المصري كانت – هزار - ، ام ان الرئيس الذي يقيم في القصر ناعما مرغدا كان يظن أن الجيش سينحاز له ويترك الشعب ؟!
الذين يقرأون ميثاق الشرف العسكري يعرفون جيدا بان الجيش لن يترك البلاد في هذه الحالة من الغليان، والذين تابعوا وحللوا ثورة (25) يناير كانوا يعرفون جيدا ان الجيش المصري سوف يتدخل. وتدخل الجيش المصري جاء في الوقت المناسب، جاء بعد يوم من دعوة جبهة الانقاذ الوطني (ائتلاف المعارضة الرئيسية في مصر) والذي اعلن مساء الاحد ( 30 حزيران ) وحمل عنوان "بيان الثورة رقم 1" قال ان " الجماهير بنزولها الى الشوارع - الاحد - " صدقت على سقوط نظام محمد مرسي وجماعة الاخوان المسلمين " والبيان اوضح أن الشعب المصري "مستمر في ثورته، وسيفرض إرادته التي وضحت بجلاء في جميع ميادين تحرير مصر"، ودعى "جميع المواطنين والقوى الثورية الى البقاء في الميادين لحماية ثورتهم حتى يتم الانتقال السلمي للسلطة".وطالب البيان "جميع المواطنين أن يستمروا في البقاء السلمي في جميع ميادين وشوارع وقرى ونجوع البلاد والامتناع عن التعامل مع الحكومة الإخوانية حتى سقوط آخر معاقل هذا التنظيم المستبد - بحسب وصفهم -. وامهلت جبهة الانقاذ الرئيس الوطني مهلة حتى الساعة الخامسة من بعد ظهر الثلاثاء لرحيل الرئيس المصري محمد مرسي ، وفي حال عدم الرحيل فيتم اعلان العصيان المدني والزحف نحو قصر "القبة" الرئاسي، الذي يُعتقد أن الرئيس مرسي انتقل إليه، بسبب الاحتجاجات الحاشدة التي يشهدها محيط قصر "الاتحادية" ، وحركة تمرد والقوى المعرضة الاخرى استطاعت ان تقود الشارع المصري في مواجهة موحدة وبجمع تواقيع ضعفي عدد الذين انتخبوا الرئيس محمد مرسي في الانتخابات الرئيسة حيث وصل عدد الموقعين على اقالة الرئيس مرسي22 مليون .
بعد اعلان هذا البيان الذي لم يصدر مثله وفي جرأته من قبل المتظاهرين في ثورة 25 يناير ، امهلت القوات المسلحة المصرية الاطراف في البلاد مهلة 48 ساعة لتلبية مطالب الشعب وقال وزير الدفاع عبد الفتاح السياسي في خطاب مسجل لقي ترحاب وتاييد جميع المتواجدين في ميادين التحرير في محافظات مصر كافة ، قال الجيش كلمته " نمهل الجميــع [48] ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخى الذى يمر به الوطن الذى لن يتسامح أو يغفر لأى قوى تقصر فى تحمل مسئولياتها ".، والبيان ارسل اشارات واضحة لا تحتاج الى قراءة بين السطور، اشارات واضحه حيث قال البيان :" لقد إستشعرت القوات المسلحة مبكراً خطورة الظرف الراهن وما تحمله طياته من مطالب للشعب المصرى العظيم ... ولذلك فقد سبق أن حددت مهله أسبوعاً لكافة القوى السياسية بالبلاد للتوافق والخروج من الأزمة إلا أن هذا الأسبوع مضى دون ظهور أى بادرة أو فعل ... وهو ما أدى إلى خروج الشعب بتصميم وإصرار وبكامل حريته على هذا النحو الباهر الذى أثار الإعجاب والتقدير والإهتمام على المستوى الداخلى والإقليمى والدولى . إن ضياع مزيد من الوقت لن يحقق إلا مزيداّ من الإنقسام والتصارع الذى حذرنا ولا زلنا نحذر منه.
لقد استقبلت الجماهير الحاشدة في ميادين التحرير في اول رد فعل على بيان القوات المسلحة المصرية بالتهاف والترحاب ، وهتف المتظاهرون "الجيش والشعب ايد واحدة"، و"انزل يا سيسي..مرسي مش رئيسي" ، هل هناك اعمق من هذه الاشارات المؤديدة للاطاحة بالرئيس المصري !!!!
المطلوب تحكيم صوت العقل والمنطق والحكمة، وعدم التخندق والانجرار والانجراف خلف اجراءات وهمية يعتقد المرشد ونائبه والرئيس والمستشارين بانهم قادرون على ايقاف هذا الطوفان الشعبي الغاضب واقناعه بمغادرة ميادين التحرير، عقارب الساعة لا ترجع للوراء ، والدقائق والثواني محسوبة ومحسومه ، بيان جبهة الانقاذ الوطني المصري الذي اعطى الرئيس مهلة حتى الساعة الخامسة من مساء يوم الثلاثاء 2 تموز انتهى ، والقيادة العامة للقوات المسلحة امهلت الاطراف في البلاد للتوافق حتى يوم الاربعاء 3 تموز، والاطراف المتواجدة المساندة للرئيس محمد مرسي في ساحة ( رابعة العدوية ) أو الجماهير المتواجدة في ميادين التحرير والمعارضة للرئيس لن تلتقي ولن تتوافق، والهتافات والتخندق في الميادين تؤكد على عدم التلاقي اوالتوافق.
وبعد ،،،، هل يبادر الرئيس محمد مرسي للتنحي والاستقالة، ام ينتظر اقالته من قبل الجيش يوم بعد انتهاء المهلة التي حددها الجيش (48) ساعة وتنتهي اليوم الاربعاء كما اقاله الشعب في ميادين التحرير ، ام ينتظر الرئيس مرسي والمرشد ونائب المرشد قيام الشعب بالعصيان المدني والزحف من قبل المتظاهرين نحو قصر القبه. ما يجري في مصر هو رسالة للاخوان المسلمين المتواجدين في كافة ارجاء الوطن العربي ليعيدوا حساباتهم ويغيروا معتقداتهم واوهامهم بان الشعوب العربية ستقبل بهم قادة او حكام او زراء او حتى مدراء، الرد على الرفض الشعبي للاخوان المسلمين انطلق للوطن العربي من مقر اقامة مرشدهم في ( المقطم ) ، الرد على رفض مشاركة الاخوان في الحكم جاء بعد تجربة الاخوان في - مصر – ، مصر التي بعد الثورة ووصول الاخوان الى الحكم اصبح فيها الوزير والسفير والمحافظ ورئيس الوزراء والمذيع والمدرس يعين من مكتب الارشاد، ومكتب الارشاد الذي اصبح مزارا مفتوحا للسفيرة الامريكية في القاهرة " آن باترسون "، فيه تجول وتتجول وتلتقي فضيلة المرشد ونائبه وتلتقط معه الصور وتتبادل الابتسامات والتهاني والافكار ، سبحان مغير الاحوال والمواقف !!!!! . خروج المصريين للميادين في هذه الاعداد الضخمة غير المسبوقة للمطالبة بالاطاحة بالرئيس محمد مرسي له هدف واحد يتمثل في استعادة الثورة المصرية التي سرقت من الشعب بعد الإطاحة بنظام مبارك، من قبل الإخوان المسلمين وشركائهم ، فقد كشف الشعب المصري ان الاخوان المسلمين جماعة تلهث خلف الغنائم ووزحفها المقدس موجها نحو الكراسي والسلطة والقيادة والتفرد بالسلطة وتجفيف الديمقراطية والاستهانه بارادة الشعب وقوته وقدرته على التغيير ، هذه السلوكيات الاخوان والتي جعلت من - المرسي – الرئيس – تابعا عند المرشد ، هذه السلوكيات الاخوانية كلفتهم الخروج من الشارع المصري حاليا والتونسي لاحقا والعربي حاليا والدولي مستقبلاً .
مسك الكلام،،، هل يخرج الرئيس المصري بماء الوجه ويتنحي خلال هذه الساعات المعدودة التي منحه اياها الشعب والجيش المصري ؟! صوت الحكمه والعقل يطلب التنحي الآن وقبل انتهاء مدة ال(48) ساعة ، لان الجيش كما ذكرت مؤسسة تقوم على الضبط والربط والايقاع المتزن، وسيطلب من الرئيس التنحي اذا لم يقرأ المشهد جيداً ؟! اللهم احفظ مصر وتراب مصر واهلها الطيبين .
ohok1960@yahoo.com