دروس مستفاده من دول الجوار
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
01-07-2013 09:44 PM
ألاحداث التي تعصف بالمنطقه تدعونا الى اخذ نفس عميق و التأمل و اخذ العبر لنحافظ على بلدنا و امننا و العلاج البكر لعوامل انزلاق الدول الشقيقه في مأزق نأمل لها الخروج منها بأقل الخسائر.
نبدأ بام الدنيا مصر العزيزه على قلوبنا جميعا. الفساد الاقتصادي و السياسي و غياب العداله الاجتماعيه انتهى بثوره قادت بعد مخاض الاخوان المسلمين الى سدة الرئاسه. على الرغم من ان الاخوان و جبهة الانقاذ كانوا جناحي الثوره و لكن اصرار الطرفين على احتكار الحقيقه و الوطنيه و قناعة كل طرف بانه يملك الوصفه المناسبه لحل مشاكل مصر ادى الى صدام ينبئ باجهاض الثوره و الانزلاق للمجهول. الاصرار على عدم المشاركه الحقيقيه و الطرح غير الناضج لكل طرف بتخوين الاخر و اتهامه بالتامر و العجز اضعف المشهد السياسي برمته. اما درسنا المستفاد فهو ان ليس منا كافراد او احزاب او تيارات او عشائر من يملك الحقيقه او يحتكر الوطنيه. و ليس لاي منا الحق بتخوين الاخر او تنصيب نفسه حاكما و قاضيا و قديسا. المشاكل في بلدنا جزء فيها من صنعنا كافراد و جماعات و ثقافة مجتمع و من بعض المسؤلين كجزء من اجتهاد خاطئ او فساد. و بالتالي كما اشتركنا جميعا بصنع المشاكل لا بد ان نتشارك جميعا بحلها من خلال الحوار و حكم القانون مع المحافظه على بلدنا و مؤسساتها.
اما سوريا العزيزه درة الشرق ارض المحشر و المنشر. التسلط و تكميم الافواه و اقصاء الطائفه الاكبر تحت غطاء الممانعه و القوميه و الاصرار على الحلول الامنيه من قبل نظام يرفض كل الحلول التي من الممكن ان تحفظ سوريا و مؤسساتها و يصر على حل تدميري حتى لو كان طائفي و يخضع سوريا لاحتلال صفوي روسي, كل ذلك ترك سوريا جرحا مفتوحا لا يندمل و لا يشفى. الثوره السوريه كانت ثورة سقوط الاقنعه. سقط قناع حزب الله بطائفيته و احقاده البغيظه و سقط قناع ايران بمشروعها القومي الذي سوقته بغطاء ديني محكم ليكون العرب الشيعه حصان طرواده و رأس حربة القتل و التدمير. هؤلاء الذين عاشوا طويلا مع العرب السنه دون خلاف حقيقي و شاركوا في الثورات ضد المستعمر اصبحوا الان اصابع المشروع الايراني و امعنوا قتلا في اهلهم السنه.
اما العبره المستفاده لنا ان الحلول الامنيه ضد الحراك السياسي السلمي هي فشل ذريع و هنا يسجل للمؤسسات الامنيه الاردنيه التصرف بحكمه و بوطنيه كما يسجل لمعظم الحراكات السياسيه وعيها العميق و وطنيتها و اصرارها على الحوار. كما لنا ان نقول ان الاردنيين بكافة اطيافهم يجب ان يكونوا شركاء في الحلول دون اقصاء او الغاء و ان دم الاردني على الاردني حرام بغض النظر عن اصله و منبته و دينه و انتمائه السياسي او المناطقي او العشائري.
اما اليمن الغالي صاحب اعظم الحضارات فالعشائريه الضاربه عميقا في جذوره مع التدخلات الخارجيه خصوصا الايرانيه التي حولت الزيديين و هم الاقرب لاهل السنه و الذين كان من الممكن ان يكونوا جسر الحوار و التقارب بين السنه و الشيعه, بالاضافه لعوامل اخرى كلها كادت ان تدفع اليمن باتجاه التناحر و التفكك لولا تدخل حقيقي و صادق من اخوتهم الخليجيين و قبول من اهل اليمن بحلول قد لا تبدوا كامله و لكنها تعطي للجميع شئ بدل كل شئ و حفظت تلك البلاد رغم وجود دعاة الانفصال و التفرقه.
اما درسنا المستفاد في الاردن فهو ان من لا يحصل على الكل لا يجب ان يخسر الكل و بالتالي فانه في اي خلاف داخلي لا بد للجميع من تقديم تنازلات حتى لو كانت مؤلمه ما دام الهدف الحفاظ على الوطن و حفظ الدماء و عدم الانزلاق للمجهول.
العبر كثيره و لكن الكيس (بتشديد الياء) من اتعظ بغيره. و مع تمنياتنا لكل الاهل في الدول العربيه الاخرى بالامن و الامان لكن علينا الاقتناع باننا في موج متلاطم و قد نتعرض لما عانى منه غيرنا و لا بد ان نكون مستعدين بوعي عميق و ادراك اكيد و ايمان بوطننا و مكتسباته. ان اتفاقنا جميعا على خمسين بالمئه مقابل الحفاظ على بلدنا و اهله و حفظ الدماء افضل من التركيز على الخلاف و الاختلاف و الذهاب بطريق لا نعرف نهايته و مالاته.
في النهايه ليس منا من يملك الحقيقه المطلقه و ليس منا من يحتكر الوطنيه و لا يحق لاي منا الغاء الاخر او تهميشه او اقصائه و لا بد لنا جميعا شعب و حكومه و مؤسسات و عائله حاكمه من الشراكه و الحوار ضمن مظلة الدستور و القانون و حب الوطن.
حفظ الله الاردن و حفظ اهله و كان الله في عون اخواننا في سوريا و فلسطين و مصر و كل البلاد العربيه.