المحروسة: هل ندخلها آمنين؟
جمانة غنيمات
30-06-2013 03:06 AM
مصر تقبعُ اليوم على فوهة بركان يمكن أن ينفجرَ في أية لحظة، الجميع يجيّش ويحجز مكانه في الشارع؛ إسلاميون ومعارضة، وجيش وفلول.
بين هؤلاء تبدو المحروسة تائهة، والخوف على مستقبلها يتصاعد، واحتمالات المواجهة باتت كبيرة، وأخواتها الصغيرات من حولها ينظرن إليها بعين الخوف، فمصر لطالما كانت بوصلتها، فماذا لو اختلت البوصلة؟
المحروسة اليوم في خطر، ولا ندري إن كنا سندخلها آمنين بعد اليوم، وذلك بعد أن عادت أجواء الثورة من جديد إلى مختلف مناطق وميادين القاهرة والمحافظات.
التظاهرات والمسيرات بدأت بالمطالبة بإسقاط النظام وحكم الإخوان المسلمين، فيما تصاعدت حدة العنف بين المحتجين وأنصار مرسي، وسقط العديد من القتلى في اشتباكات متعددة سادت المدن المصرية.
التصعيد يتزايد ومشهد ميدان التحرير يتكرر، لكن هذه المرة على مَن انقلبوا على الثورة وشعاراتها، وظنوا أن الديمقراطية تمارس لمرة واحدة فقط، وصندوق الاقتراع ليس إلا لهم ولحزبهم الذي طالما لقي تهميشا قمعيا في زمان مصر.
عشرات الآلاف من المتظاهرين توافدوا على ميدان التحرير، ونصبوا الخيام لبدء اعتصام مفتوح حتى رحيل مرسي، وردد المتظاهرون هتافات كنا نطرب لها أيام الثورة على نظام مبارك ومنها "ارحل.. ارحل"، و"الشعب يريد إسقاط النظام".
الصراع اليوم كبير وعميق، والخلاف يتسع يوما بعد يوم بين حلفاء الأمس (أعداء اليوم)، فمن تولوا الأمر بسوء إدارتهم ومراهقتهم السياسية أوصلوها إلى حدود الانفجار الخطر؛ حيث استَعْدوا المعارضة، وخنقوا الحريات، وتجاوزوا على استقلالية القضاء، وجرحوا كرامة الأقليات والمثقفين، وأوصلوا الاقتصاد إلى حافة الهاوية والانهيار.
كل السيناريوهات اليوم سيئة، بقاء الحال على ما هو عليه مستحيل، وتدخل الجيش بما يشبه الانقلاب العسكري كارثي وقاتل لفكرة الثورة والتضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب المصري، كما أن البقاء في مواجهة الآخر في الشارع سيجلب في النهاية اقتتالا أهليا لا حدود له.
المعارضة التي حُرمت من المشاركة في الحكم مُصّرة على رحيل مرسي، وتقف لحكم الإسلاميين بالمرصاد، والأخيرون لا يبدو أنهم سيتراجعون عما أوصلوا المحروسة إليه، من خراب ودمار.
الأخطاء التي ارتكبها الإسلاميون من استئثار بالسلطة وقمع للحريات، تجعل البعض اليوم يتمنى رحيل مرسي، أملا في القضاء على كل ما فعله حكم الإسلاميين بأم الدنيا، بعد أن سَعَوا لـ "أخونتها"، وضيّقوا على الحريات العامة، وبسطوا يدهم عليها.
لكن العملية الديمقراطية توجب احترام إرادة الشعوب. إذن المطلوب ليس اقتلاع رئيس منتخب، لأن في ذلك انقلابا على العملية الديمقراطية وصندوق الاقتراع الذي أوصل الإسلاميين للحكم.
لو فهم الإسلاميون ما اقترفت أيديهم وما فعلوا، ولو تعلموا من دروس الحقبة السابقة لما أعادوا الكَرّة، ولسَعَوا بكل ما أوتوا من قوة إلى مشاركة الجميع في اتخاذ القرار، من خلال اقتسام السلطة مع مختلف قوى الثورة، بحيث لا يستفردون بها وحدهم، ويُحيّدون من صنع الثورة من القوى السياسية والشبابية، التي ثارت على الظلم والقهر والفقر والتسلط، فهل ما تزال الأغاني ممكنة في مصر؟
jumana.ghunaimat@alghad.jo
الغد