من يحمي حدود من ؟؟ حسابات الماضي والحاضر .د.بكر خازر
29-06-2013 09:59 PM
د. بكر خازر المجالي
انطلقت تصريحات جديدة سمعناها قبل ايام ومضت دون التوقف عندها،او ربطها في تاريخ الاحداث الماضية التي شهدناها مع دول الجوار ، وأيا كانت هذه التصريحات بحسنها وجمال كلماتها وبعد معانيها فاننا لا يمكن ان نتجاوزها قبل ان نقرأ ما بين السطور ونعود الى الماضي القريب الذي يتجاوز الاربعين سنة بقليل في فترة السبعينات .
عام 1970 انفجرت احداث ايلول وما بعد ايلول ، وتشبعت ارض الاردن باصناف المقاتلين المختلفة الذين تدفقوا من حدود دولتين متجاورتين وبتسهيلات رسمية ودعم تسليحي وعقائدي ، وتبعها غزو منظم للاراضي الاردنية الشمالية بالدبابات والمدفعية وتوغلت في الارض الاردنية ، فكانت ارادة الجيش العربي الاردني القوية وقيادته الحكيمة بردع الغزاة وتشتيت شملهم ومن ثم السيطرة على الامن الداخلي والقضاء على كل العناصر والعصابات التي ما عرفت فلسطين ولا القدس ولا سمعت بالشهداء الاردنيين الابرار الذين تطرزت اسوار القدس بدمائهم وكل الهضاب والجبال والاودية واسطح المساجد والكنائس في فلسطين.
وفي عام 1973 يعبر اللواء الاردني الذي هزم الغزاة عام 1970 ليقف الى جانب العرب في جبهة الجولان مقاتلا مدافعا ضد العدو الاوحد ويقدم اللواء المدرع /40( 23 ) شهيدا ولا ندري كيف يمكن اضافتهم الى 750 شهيدا اردنيا قضوا عامي 1970 و1971 وهم يدافعون عن السيادة والامن والاستقرار في مواجهة بعض العرب؟؟.
وهذه الايام ونحن نعيد قراءة التاريخ بعد سماعنا تصريحات عن جيش الاردن الذي لن يكون غير جيش الكرامة ، وهو لن يكون غير ذلك ، وعن من يريد ان يحمي حدود الاردن والدفاع عن الاردن ، فان الاردن نفسه الان هو الحامي الحقيقي لحدود الدولتين اللتين اشرعتا حدودهما عام 1970 من اجل تدمير الاردن والقضاء عليه ، لقد ابتلى الله هاتين الدولتين بالفتنة والقتل والفوضى ،ولكن لم يتنازل الاردن عن اخلاقياته الاصيلة بتسديد حسابات الماضي ، بل تجاوز كل ذلك الى منع التسلل واستخدام الارض الاردنية ضد العراق عام 1990 ولا زال الاردن يدفع ثمن مواقفه القومية من اقتصاده ،ولا ضد سوريا بأي شكل من الاشكال رغم كل محاولات التشكيك والتلفيق .
وكنموذج للاخلاق الاردنية في التعامل مع الاحداث ،فبين يدي رسالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه الى رئيس الوزراء مضر بدران بتاريخ 6 /10/1982 التي يطلب جلالته فيها اتخاذ الخطوات اللازمة للعفو عن كل مرتكبي الاعمال المخلة بالامن العام عام 1970 ، وقال جلالته في رسالته : لقد عشنا من الحياة حلوها ومرها ،وصقلت التحديات فينا اصالة عروبتنا وصدق هجرتنا لله والوطن والامة .. ويضيف جلالته : ومن منطلق الحرص والحب لكل ابناء الوطن ارجو ان تتخذوا دولتكم الخطوات اللازمة لايقاف كل الملاحقات والاجراءات القائمة ضد جميع الاشخاص والمواطنين الذين اقترفوا من الاعمال في حوادث الامن التي تعرض الاردن لها عام 1970.... ويضيف جلالته : وستكون هذه الخطوة بعون الله في معانيها وغاياتها حافزا للجميع على الصمود في وجه اعدائنا واعزازا لقيم الخلق والشرف والالتزام القومي التي ستظل امانة في اعناقنا امام الله والتاريخ واجيالنا المتعاقبة .. ).
هذا النموذج من العفو والصفح الذي اعقب الاحداث التي واجهها الاردن بايمانه وتماسك مواطنيه عشائر ومخيمات ،وصمد بقيادته المعتدلة الحكيمة العادلة ، وواجه الاحداث بتاريخ من الشرف والبطولة وسجل من الوفاء لرسالة العروبة والقومية الاصلية هذه هي العوامل التي تصمد امام العواصف الشريرة التي لا تنجح الا ان واجهت شرا مثلها وتعادل عندها الظلم بين كل الاطراف ،وتساوى الجميع في تدمير منجزات الوطن وتقاتل المتقاتلون ايا كانوا وهم لا يدركون مصلحة الوطن العليا.
قد عشنا اسوأ واحلك الايام واعتى المصائب والمصاعب ، وانتصر تاريخ الوطن من العفو والصبر والحكمة والاعتدال والعدالة وتغليب مصلة الوطن العليا على كل شيء.
و بعد هذه الحقبة التي عشناها بحلوها ومرها يقفز الى الذهن مقارنات الماضي بالحاضر ، ويبرز اكثر من سؤال عن من يحمي حدود الاخر ؟ من بادر الى استقبال المهجرين الهاربين من ارضهم وايوائهم واحسان استقبالهم ، ليس هذه الايام على الحدود الشمالية التي يمارس الجيش العربي الاردني فيها دورا انسانيا مميزا فحسب، بل نعود الى عام 1990 حين استقبلنا مليون مهاجر لا زالت فاتورة تكاليف ايوائهم وتنقلهم لم تسدد بالكامل للان .
الاردن بجيشه وقيادته الاقدر على حماية حدوده وامنه الداخلي ، ونسعد ونتمنى ان تغلق نوافذ الشر من حولنا فهذه هي المساعدة الاكبر التي تخدم اخوتنا في بلدهم لان سعادتهم من سعادتنا ..
هو التاريخ الذي يغفل موقفا ما ، وهي سلسلة الحوادث التي نعيشها التي لا يتعامل الاردن معها بالمثل مطلقا ،بل هي الاخلاق الاردنية التي تتجاوز شر الماضي مهما قسى وتطاول ويقدم العروبة والاصالة على كل شيء ويتصرف بقوة منبعها قيادته الهاشمية والمعدن الاردني الاصيل .