ترجل الفارس الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وهو في قمة العطاء والحكمة وبعد النظر، وسلم الراية لولي العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبهذه الممارسة الأبوية- الديمقراطية-التشاورية، أسست دولة قطر لمرحلة مهمة وريادية من مراحل الزمن السياسي العربي الذي نعيشه اليوم، والذي لا يمكن له إلا التفاعل، بشكل او بآخر، مع إرهاصات الربيع العربي والقبول بنتائج إستحقاقاته.

وقد آثر الشيخ حمد، الذي أصبح الأمير-الوالد، أن يتنازل عن الحكم ويؤسس لمرحلة جديدة من حياة الدولة القطرية، وهي لعمري حالة نادرة للنظام السياسي العربي، مع وجود بعض الإستثناءات لحالة الفريق سوار الذهب. فالنظام السياسي العربي في العموم، وقبل أن يبعث الله من عليائه علينا شآبيب رحمته والمتمثلة في حراك الربيع العربي، لا يؤمن لا بالديمقراطية ولا بالتداول السلمي للسلطة ولا بحق الآجيال القادمة في المساهمة في رسم ملامح مستقبلها.
لقد واكب الأمير الوالد الشيخ حمد، وقاد مسيرة النهوض الحضاري الحديث لدولة قطر، وكانت وستبقى، بصماته الريادية على التطور الذي شهدته قطر وشعبها العربي الأصيل، ماثلة أمام عيون التأريخ والتي لا يمكن القفز عليها أو تجاهلها، سواء في الميادين السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية. كما كان يتصرف دائماً بحكمه العالم وحنكة السياسي وخبرة المجرب في التعامل مع كل الأحداث والمستجدات التي آلمت بالساحتين العربية -الإسلامية، كما كان بعد نظره يشكل منهج سلوك لقطر والقطريين.

وحسب الاستحقاقات المشروعة والمتوارثة، فإن تنازل الأمير الوالد لولي عهده سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولي العهد، والمناداة به أميراً للبلاد يعني تواصل المسيرة بثوابتها، القطرية والعربية والإسلامية والتي لن تحيد عنها الدولة القطرية. فالشيخ تميم هو إبن مدرسة الشيخ حمد، وصنع على عينية، وبالتالي فإن تسليم الراية للشيخ تميم تعني إستمرار الإستقرار الداخلي والخارجي للسياسة القطرية.

فقد كان الشيخ تميم بن حمد، الساعد الأيمن للأمير الوالد، خاصة في العقد الآخير، حيث كان ولياً للعهد، وصاحب الكلمة الأولى في الكثير من الملفات القطرية والعربية والإسلامية. وساهم من موقعه، في تحمل العديد من المسؤليات الجسام التي كان يوكلها له الأمير الوالد، وفي كافة المحافل العربية والدولية. وبالتالي فقد إكتسبت خبرة الحكم وسبر غور عملية إتخاذ القرار.

إن سلمية انتقال السلطة في قطر ومشروعيتها، ومبايعة أهل الحل والعقد في الدولة القطرية لها، ومباركة الشعب القطري لنتائجها، يعتبر مثالاً أخر للتفاعل الإيجابي بين القيادة والشعب، ومقدرة كل طرف على تحمل مسؤولياته الوطنية والقومية، البعيدة عن الاستقطاب والتمحور.
كما إننا في الأردن بقيادته الهاشمية نبارك لقطر وأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وللشعب القطري بهذا الإنجاز التاريخي، وليس أدل على إحترامنا لإرادة دولة قطر، أميراً وشعباً، من ذهاب سيدنا للمباركة، كأول زعيم عربي وأجنبي يذهب بنفسه للسلام على الأمير الوالد الشيخ حمد ويهني الشيخ تميم بإستلام مقاليد السلطة. وهذا مؤشر على إحترام الأردن لخيارات الأشقاء، وأمله، أي الأردن، في الرقي بالعمل المشترك إلى أبهى صورة.

حسنا فعل سمو الأمير الوالد حمد بن خليفة آل ثاني، وحسناً فعلت قطر والقطريون، في هذا النهج السليم، والذي يمكن أن يبرهن للقاضي والداني والعدو والصديق، بأن الشعب العربي في كافة اقطارة، يستحق الديمقواطيه ويحترم استحقاقا لها، وقبل هذا وذاك، يحترم نفسه وتاريخه وتراثه.

Almajali74@yahoo.com
الرأي