لا يتعب رئيس الوزراء ، حين يقوم خلال اليوم الاول من الشهر الاول ، من هذا العام ، وهو يوم عطلة رسمية بزيارة الى ثلاث محافظات ، وهو لم يستغل اجازته للاسترخاء او الراحة ، ولم يختره الملك ، لكي يرتاح ، بل ليريح الاردنيين ، والرسالة التي يطلقها الرئيس في يوم اجازة ، جديرة بالتوقف عندها ، لاعتبارات عديدة.ننتقد الحكومات ، كثيرا ، بخصوص مايتعلق بالاداء العام ، لكننا بكل حياد ، علينا واجب الاشادة بأي خطوة ايجابية ، حتى لايشعر رؤساء الحكومات ، ان حجر الرأي العام كبير ضدهم حين يرتكبون السلبيات ، ولاتتم الاشارة الى الايجابيات ، من باب التوازن ، وهو امر غير منطقي ، ان يتشبت المرء بالجانب المظلم ، من الصورة ، اي صورة.
بدأ رئيس الحكومة الجديد ، فترة رئاستة بخطوات حميدة ، كان من اهمها ايضا ، زيارته لمستشفى البشير ، وزيارته لحالات اجتماعية صعبة ، متواضعا ، كما هو شأن رؤساء الحكومات الذين تركوا اثرا في الذاكرة الاردنية ، كوصفي التل ، وغيره ، ممن لم يكونوا مجرد عابري سبيل في الحياة الاردنية ، كما كان لاجتماع رئيس الوزراء بالقطاع الخاص ، وحثه على زيادة الرواتب ، اثر ايجابي ، عند الناس ، فالحكومة تحاول اطفاء شر نار الفقر ، وهي تعرف انها بخطوة الرئيس هذه ستحرك دولاب القطاع الخاص ، وسنسمع غدا ، قرارات مؤسسات القطاع الخاص بزيادة الرواتب ، خصوصا ، ان جلالة الملك امر بزيادة رواتب موظفي القطاع العام ، وربما ننتظر كلنا ما الذي سيفعله القطاع الخاص ، للسيرعلى ذات النهج.
سجل رئيس الوزراء ايضا ، صبرا ، غير معهود على اي نقد يقال في الصحافة ، تجاه الحكومة ، فالرجل يتصرف باعتباره واثقا من نفسه ، وايضا هو يقر بحقيقة ان اي نقد هو حق للاردني اكان اعلاميا ، ام نائبا ، فالكل ابناء بلد ، وفيهم ذات الحرص على وطنهم ، مهما بلغت ببعضهم المعارضة ، وسعة رؤساء الحكومات في الاردن ، تسجل لعدد محدود فقط ، اذ ان الاغلبية ، لا تحتمل النقد ، واما ان تكون معه ، في الخطأ قبل الصواب ، واما تصبح مندسا وخارجا من الخوارج.
ما نريده من الرئيس ، ان لا يتعب ، تحت وطأة ضغط برنامجه ، وان لا يسمح بتحويل برنامجه اليومي الطويل ، الى مجرد لفتات تخدم "الصورة الانطباعية" بل نريده ان يتواصل كما هو الان ، برنامجا حقيقيا ومخططا ، بشكل مدروس وذكي ، وان نرى الرئيس ، في كل مكان ، وان نحاول ايجاد بديل لقلة المال ، عبر احسان ادارة المال المتوفر فعليا ، وتحسين الخدمات ، اذا لم يكن ممكنا ، زيادتها ، والبحث عن شركاء في القطاع الخاص ، لدعم اي مبادرات حكومية ، قد يتم التفكير باطلاقها ، وان يسعى الرئيس وحكومته الى تخفيف الضنك النفسي للمواطن الاردني ، الذي يقهره شرطي السير والموظف الحكومي وكونترول الباص ، على حد سواء ، عبر سياسة ، اعادة انتاج الخدمات ، ليكون الغلاء مخففا ، على الاقل ، بحسن المعاملة.
لا نريد ان نجامل الرئيس ، فالمجاملة غالبا ما تضر كاتبها ، وقارئها ، على حد سواء ، وشعبنا لا يريد من الحكومات سوى العدالة والشفافية ومحاربة الفساد والنزول الى الشارع على الطريقة الاردنية ، وليس اللبنانية بالطبع ، عبر طرق ابواب الفقراء ، وكل الخدمات المتعلقة بالناس ، التي نخاف ، ان تواصل تراجعها ، يوما بعد يوم ، ولعلنا ننصح الرئيس بجهاز يمده بمعلومات حول عما يجري في بعض الوزارات والدوائر والمستشفيات والمرافق ، لتكون المتابعة ، جزءا من عمل الحكومة.