النور : لن نسمح بسقوط مرسي
27-06-2013 09:51 PM
عمون - قال مساعد رئيس حزب النور في مصر، والمتحدث الرسمي باسمه نادر بكار إن الحزب رغم اختلافه مع جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي الذي ينتمي إليها؛ إلا أنه يعمل على استكمال مرسي ولايته، ويرفض دعوات إسقاطه في مظاهرات 30 يونيو الجاري".
جاء ذلك في حوار مطول مع مراسلة "الأناضول" تناول الوضع الراهن والسيناريوهات المتوقعة لمظاهرات 30 يونيو التي تدعو إليها المعارضة بهدف إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وطبيعة العلاقة بين حزب "النور" ذي التوجه السلفي وجماعة الإخوان المسلمين خاصة أن حزب النور كان حليفا سابقا للإخوان المسلمين.
وقال بكار:" إن الحزب يرى أن المخرج هو تشكيل حكومة كفاءات "تكنوقراط"من كافة القوى السياسية للإعداد لانتخابات برلمانية على وجه السرعة".
ووجَّه بكارانتقادات شديدة لمؤسسة الرئاسة ولجماعة الإخوان المسلمين؛ إلا أنه أكد أن حزب النور لن يسمح بالمساس بالرئيس محمد مرسي، الذي يعد انتخابه ثمرة من ثمار ثورة يناير 2011، و"إن اختلف معه"، وإلى نص الحوار:
*كيف يقرأ حزب النور المشهد السياسي في مصر؟
**الموقف شديد التأزم وشديد الاشتباك، ومن الصعب فض الاشتباكات، وهناك استدعاء لخلفيات ثأرية بين القوى السياسية واستغلال من أطراف كثيرة لتحقيق مآرب شخصية، بجانب أن هناك عنادًا كبيرًا من جانب السلطة والمعارضة، وهناك غياب للرؤية المستقبلية تمكن معطياتها أن تخرجنا من تلك الأزمة، فهناك صورة ضبابية.
وكان لابد ممن أقدم على إدارة البلاد في تلك المرحلة أن يتحسسوا طريقهم في عملية الانتقال من نظام إلى آخر، إلا أننا نجد نوعًا من التسرع واستعداء الآخرين وعدم ترتيب الأولويات، ووضع الجميع في خانة الخصوم، ولا يتخيل الفائز في مظاهرات 30 يونيو (حزيران) أنه سيحصد مغانم كثيرة، لكنه سيرقص على جثة هذا الوطن.
*ما السيناريوهات التي يتوقعها حزب النور لمظاهرات30 يونيو؟
**هناك سيناريوالتظاهر لمدة عدة أيام، وينتهي الأمر، وهناك سيناريو آخر يشهد حالة من الاشتباك بين الطرفين، وربما تستجيب القوى السياسية للحوار، السيناريو الأسوأ هو أن تمتد المواجهات والاستهداف على الهوية لباقي مدن الجمهورية، وهذا ما لا نريده ونحاول الحيلولة دون ذلك.
* لماذا قرر حزب النور النأي بالنفس في مظاهرات 30 يونيو/حزيران؟ وما اللحظة التي تدفعكم للنزول؟
**ليس نأيًا بالنفس، ولكن لفرض حالة من التوازن في الشارع، نعلم أننا لو ملنا في هذا التوقيت إلى أي طرف ستكون النتيجة أسوأ.
* هل من الممكن أن يغير حزب النور موقفه إذا شعر بخطر يهدد الرئيس مرسي لما يمثله بالنسب للمشروع الإسلامي بشكل عام؟
**من الخطأ فكرة أن يكون شخص بعينه أو حزب هو الممثل الوحيد والحصري للمشروع الإسلامي بمعنى لو سقط لسقط المشروع الإسلامي، الأمر الآخر أن الشعب لم يلمس أي إرهاصات للمشروع الإسلامي، بل على العكس زادت نقمته عليه.
فشعبنا يطبق الشريعة الإسلامية التي يفهمها، وكان بحاجة لإشارات أنه في طريقه للظفر بثمراتها من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية، وعدم التمييز بين الناس والانتصار للفقراء.
كل هذه الأمور تشكك فيها الناس كثيرًا خلال الفترة الماضية، والقرآن الكريم قال "إن تتولوا يستبدل قومًا غيركم" فهذا الرد القرآني على كل من يتخيل أنه هو الإسلام وأن الإسلام قد ذاب فيه.
أما دعم الرئيس مرسي فليس لشخصه، ولكن بما يمثله كرئيس مدني منتخب، وهذا ثمرة من ثمرات الثورة، ومن الصعب جدا التخلي عن تلك الثمرة والرجوع للوراء، ومن الصعب أن نسمح بتكرار تجارب دول مجاورة عانت عقودًا من التقسيم والاقتتال الداخلي.
* في ظل السيناريوهات المتعددة التي طرحتها ما هي اللحظة التي تدفعكم للنزول؟
**الحل ليس بالنزول فقط، ولكن هناك حلول أخرى خارج الصندوق، وإذا ذهبنا بالسيناريو إلي فكرة أن يصاب الرئيس بأذى فهذا هو الحد المخيف، وهو ما يعني أن عجلة الفتنة دارت بأقصى سرعتها، وأن العقلاء فشلوا في إيقافها.
وساعتها سيكون لنا أولويات متسقة مع أولويات الشرعية والضرورات الخمسة، وسيكون لنا دور فعال لن نكتفي خلاله برؤية وطن ينهار.
* هل توافقون على تدخل القوات المسلحة في العملية السياسية مرة أخرى إذا وقع السيناريو الأسوأ بحسب وصفك؟
**حسنا فعلت المؤسسة العسكرية ابتداءً من خلال تصريحات الفريق عبد الفتاح السيسي (وزير الدفاع) التي شدد خلالها على حماية المواطنين ورفض سيناريو الفوضي، وهي رسالة مطمئنة للشعب المصري نثمنها.
فالشعب المصري حلم منذ الثورة أن تدار مصر كغيرها من الدولة الحديثة من خلال مدنيين، والمؤسسة العسكرية هي إحدى المؤسسات المقبول دورها المهم كذلك، ولكن تدار من خلال مدنيين لاعتبارات كثيرة منها معاناة العديد من الشعوب من الحكم العسكري.
* ولكن البعض يرى حديث الفريق السيسي نوعاً من التجاوب مع مطالب القوى المعارضة المستدعية للجيش في المشهد السياسي؟
** اعتقد أن الفريق السيسي أثبت في أكثر من مناسبة أنه أكثر ذكاء من محاولة الاستدراج وتكرار تجرية بها الكثير من السلبيات، ودائما تصريحاته تأتي في أوقات مؤثرة، وإن كانت تصريحاته الأخيرة تحتمل ذلك فأنا سأحملها علي المعني الإيجابي.
* لو نجحت التظاهرات في 30 يونيو في سحب الثقة من الرئيس، هل سيرشح حزب النور أو سيشارك في مجلس رئاسي؟
** نرفض فكرة المجلس الرئاسي، كما أن فكرة الرئيس المنتمي إلى فصيل بعينه يقف خلف رئيسه ويستدعيه في كل موقف أثبتت فشلها، وصعب جدًا أن نكرر التجربة، ولكن بالتأكيد الخيار مطروح، ولكن الأهم الآن وسط هذا الاستقطاب أن يكون الاختيار لشخصية لا تستمر حالة الاستقطاب معها.
*وماذا عن الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تدعو إليها بعض قوى المعارضة؟
** المادة 150 من الدستور تسمح للرئيس باستفتاء الشعب على مثل هذا الأمر، والانتخابات المبكرة ليست الحل؛ لأن مع مرور الوقت الفصيل المؤيد للرئيس لن يصمت حيال سحب الثقة منه، وسيكرر التجربة مع من يأتي بعده، وتتكرر تجربة الأرجنتين في التسعينيات، وهذا أمر ليس محبذا في مصر.
*هل الدستور المصري الذي وصف بأنه معد من قبل الإسلاميين خدم الرئيس والمشروع الإسلامي أم أصبح عائقا أمامهم؟
** هذا الدستور جهد بشري، وهو يقبل التعديل، لكنه في وقته كان من أفضل ما يمكن أن يخرج في تلك المرحلة العصيبة من الضغط ومحاولات العرقلة والانسحابات المتكررة، فكان صعبًا أن يخرج ما هو أفضل منه.
ويحتوي الدستور علي العديد من المواد الجيدة جدا التي تخدم المشروع الإسلامي من التوزيع العادل للثورة وتحقيق العدالة الاجتماعية ،ولا يحجر علي اقتصاد السوق الحر مع ضوابط تمنع سحق الفقراء ومتوج بالمادة 219 المفسرة للمادة الثانية من أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع في مصر.
كما نص على حقوق الأقليات، وبالتأكيد كان سيخدم مشروع الرئيس كثيرا ولكن هناك نوعا من تجميد الدستور بلا أي مبرر من قبل مؤسسة الرئاسة، وكان من المفترض أن يتم المسارعة في انتخاب برلمان يفسر ما تضمنه الدستور وإعداد التشريعات التي تترجم الدستور وكل ذلك تأخرنا فيه.
* هل ترى أن كل ما وجهته من انتقادات للإخوان ينسحب على التيارات الإسلامية؟
** نعم.
*هل في ظل تلك الأخطاء يمكن رفع شعار"الإسلام هو الحل" مرة أخرى؟
** لدينا من البداية تحفظ على استخدام شعار فضفاض وواسع يعطي أصحابه صبغة أمام الناس أنهم هم الإسلام، فإذا ما رفضنا أخطاءهم الشخصية يتم تصوير الأمر وكأنه رفض للإسلام، وهذا ليس صحيحًا؛ فلدينا أريحية كبيرة في الاختلاف، فالمنهج معصوم بالكتاب والسنة، بينما اجتهاداتنا وسياستنا ليست بهذه العصمة.
الإخوان المسلمون لديهم عيب فكري خطير أصبح الآن نموذجًا واضحًا أمام الناس يتمثل في "من ليس منا فهو علينا"، وفكرة العائلة الواحدة، والمبادئ الإسلامية العامة لا تقسم هذا التقسيم.
وهذا العوار الفكري ظهر في ممارسات الجماعة التي تطرح شعارات كثيرة، لكن وقت التنفيذ لا يسمح بتنفيذها إلا من خلال هذه الجماعة فقط، وهذا تكريس لثقافة الانقسام في المجتمع لكن الإسلام سيظل في قلوب الناس.
*هل تعتقد أن ذلك سيؤثر على نتائج الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية القادمة؟
** بالتأكيد سنعاني كثيرا في الدعوة مرة ثانية لإزالة تلك الآثار، دون أن يتوجس الناس أنها محاولات من أجل تحصيل مكاسب او استدرار عطفهم من أجل الفوز في الانتخابات.
وأعتقد أن ما يحدث هو بمثابة صدمة للتيار الإسلامي ليفوق الجميع من وهم التماهي مع هذا المنهج، وسنواجه الكثير من الصعوبات لكن ربنا كتب للدين أن يُمكَّن له في المشارق والمغارب وليس لأفراد.
*هناك من يرى تعاونًا غير علني بين النور والإخوان، ويدلل على ذلك برفضكم النزول في مظاهرات الجمعة الماضية المؤيدة لمرسي بينما شاركت قياداتكم عبر "الهيئة الشرعية للإصلاح" في تلك المظاهرات؟
** لو كان الإخوان المسلمون قد نجحوا في شيء العام الماضي فقد نجحوا في استدرار عطف الكثيرين داخل التيار الإسلامي وذلك من خلال الحديث عن مشروع إسلامي مزعوم ليس له ما يدلل عليه في أرض الواقع، إنما هو مشروع أفراد.
ونحن لدينا ثبات انفعالي يجعلنا لا نكترث بهذا، وسنظل نؤكد أننا لا نتعامل بنظام الديمقراطية الغربية، وهو تبني نهج المعارضة طيلة الوقت، نحن نختلف مع الإخوان في الأفكار والمنطلقات، ولكن لو أحسن الإخوان أو غيرهم سنقول لهم أحسنتم وإن أخطأوا سنقول لهم ذلك.
والمؤسسية داخل الدعوة والحزب هي التي تنتصر للمنهج الصحيح، والهيئة الشرعية استقال منها كافة قيادات التيار السلفي عدا الدكتور سعيد عبد العظيم، لأنها انحرفت عن توجهاتها بعد أن انحصرت في تبني وجهة نظر الإخوان.
*ما طبيعة المنهج الذي يتبناه حزب النور؟ فالإخوان يقال إن نهجهم وسطي بينما يقال عن التيار السلفي بشكل عام أنه متشدد، فأين أنتم من ذلك؟
** وسطية الإخوان مقولة أثبت التطبيق الفعلي أنها كذبة كبيرة، الإخوان صوروا علي مدار 60 عاما أنهم يمثلون وسطية الإسلام وأن ما عداهم من التيار الإسلامي هو التيار الذي لا يقبل الآخر، والتجربة علي الأرض أغنت الآن عن التنظير؛ فحزب النور يعتنق آراء فقهية لا يفرضها على الآخرين.
*طرحتم أكثر من مبادرة للتوافق بين الرئاسة والمعارضة، فكيف ترى مواقف تلك القوى المعارضة؟
** المعارضة ليس لها رؤية حقيقية، ولو كان لديها ذلك ما وصلت الأمور لهذه الدرجة من التأزم؛ فحتى اللحظة لم يقدموا برنامجًا بديلاً حقيقيًا، والشارع فقد الثقة في الكثير من رموز المعارضة، فلا يمكن أن تقدم نفسك فقط بأنك معاد للإخوان المسلمين أو مضاد للمشروع الإسلامي، وفي حال وصول أحدهم لسدة الحكم سنعاني من افتقاد الرؤية.
*ما الإنجازات التي تشعر بتحقيقها على مدار العام الماضي؟
كنا ندفع وراء الرئيس، وكان الانتقاد ترتفع وتيرته تدريجيًا، وربما الدفع وراء خروج دستور يعد من أكبر الإنجازات، وكذلك إنهاء وضعية ازدواجية السلطة (إنهاء مشاركة الجيش في الحكم)، بجانب محاولات طرق أبواب خارجية، لكنها مازالت تفتقد للكثير.
عن الوفد