الأمير مقرن .. كفيل بأن يكون الزعيم القادم ليس للسعودية وحدها بل الشرق الأوسط
27-06-2013 02:13 PM
عمون - (المضمون: يجدر الانتباه الى الامير مقرن. فالرجل، الذي اكتسب تعليمه العالي في بريطانيا وأمريكا، وحسب سيرته الذاتية يحب علم الفضاء والشعر العربي ولديه مكتبة بالاف الكتب، كفيل بان يكون الزعيم القادم الذي سيدير ليس السعودية وحدها، بل والشرق الاوسط - المصدر).
ولدا بفارق سنة ويوم.. أحدهما صار رئيس دولة، والثاني اصبح ملكا. الأول يستمتع بالاستعراضات الترفيهية، بصحبة المغنيات والممثلين والرحلات الى الخارج، والثاني يحكم مملكة هي الاكثر محافظةَ في العالم. ليس فيها دور سينما بعد. الاول – الرئيس الاكبر سنا – المفعم بالحيوية؛ والثاني – الملك الاكبر سنا – يعد ايامه.
غير أنه مقارنة بشمعون بيرس، عبدالله ملك السعودية هو حاكم حقيقي، وعليه فان التوتر في المملكة قبيل عملية الخلافة المقتربة يشتد.
يوم السبت قبل اسبوع اختصر عبدالله اجازته في المغرب وعاد الى الديار، حسب التفسير الرسمي – بسبب التطورات في المنطقة وأساسا الازمة في سوريا. غير أنه لم يكن هنالك اي تطور استثنائي في سوريا، ولم يكن حتى للانتخابات في ايران ما يشكل ذريعة لاختصار الاجازة، فقد كان موعدها معروفا مسبقا. وفي ظل عدم وجود معلومات رسمية موثوقة، فالتقدير هو أن التطورات الدراماتيكية وقعت داخل الاسرة المالكة وهي، وليس مستقبل بشار الاسد، التي أقلقت الملك.
عبدالله هو ملك مريض، بل ومريض جدا. قبل سنة سرت إشاعات عن أنه مات اكلينيكيا. وكانت الإشاعات سابقة لاوانها، ولكن الملك يجد صعوبة في السير بقواه الذاتية بعد العمليات الجراحية التي اجتازها في ظهره، يعاني من ضغط دم عال، غير قادر على عقد جلسة قصيرة وفي اقصى الاحوال يظهر لزمن قصير وينسحب الى غرفته لينام. ولكنه لا يزال هو الذي يقرر السياسة الخارجية للمملكة ومستقبلها الداخلي. قلقه الان ينصب على تسليم الحكم لخليفته بشكل مرتب، دون سفك دماء، دون إثارة ثورة. وليس فقط الكرسي، بل يريد ايضا أن ينقل إرثه ايضا، الى العهد التالي. العهد التالي – ليس بالضرورة الجيل التالي.
في الـ 81 سنة التي مرت منذ أقام عبدالعزيز المملكة انتقل الحكم خمس مرات بين ابنائه. وليس دوما في ظل الطاعة العمياء، ليس بدون لي اذرع، ولكن حتى الآن دون صراع عنيف.
الى هذا تطلع عبدالله عندما بدأ يحدد شبكة التعيينات للمناصب العليا في المملكة في السنة الاخيرة. وليا العهد، واللذين عينهما في السنة الماضية، الامير سلطان والامير نايف، توفيا بالمرض وبالشيخوخة.
ولي العهد الحالي، الامير سلمان، يعاني على ما يبدو من الزهايمر، وعلى اي حال يجد صعوبة في اداء مهامه.
الامير أحمد ابن الـ 77، الاكثر شبابا من بين الاخوة السبعة السعوديين، ابناء الملك بن عبد العزيز من زوجته كثيرة الامتيازات ابنة أحمد السديري، الذين تتناقل الخلافة فيما بينهم، عين في منصب وزير الداخلية. ومع أنه اقيل بعد خمسة اشهر لاعتراضه على توزيع قوات الامن الى عدة وحدات مستقلة، الا أنه لا يزال رجلا كثير النفوذ في المملكة وفي الاسرة. والى جانب هؤلاء يطلق صوته ايضا الجيل الشاب، الذي يتشكل من أحفاد الملك عبدالعزيز، وهم يطالبون بالكف عن تعيين العجائز والشروع في نقل الحكم اليه.
43 وليدا للملك عبد العزيز، ولهم ابناء، أحفاد وابناء احفاد، يشكلون طبقة الحكم في الدولة. الكثيرون منهم يتبوأون وظائف عليا في الجيش، في الحرس الملكي وفي الوزارات المختلفة، كمحافظين ورؤساء بلديات.
ويبقى الحفاظ على التوازن بين الاجيال وبين "اصحاب الامتيازات" هو سر استقرار المملكة التي حتى الآن نجحت في تفادي موجة الثورات التي تجتاح الدول العربية.
ويستدعي هذا التوازن من الملك ان يعترف بشكل حميم ليس فقط بمؤهلات كبار رجالات الاسرة بل وفي الاساس التحالفات السياسية والقبلية التي خلقها كل واحد منهم لنفسه على مدى السنين.
ظاهرا، "مجلس الامناء" الذي اقامه الملك في 2007 هو المسؤول عن تعيين الملك وولي العهد، وبصلاحيته احباط التعيين الذي يقرره الملك. ولكن عبدالله أوضح للمجلس بانه يمكنه أن يمارس صلاحياته بعد وفاته فقط، ورغم تحفظات المجلس عين لنفسه ولي عهده، مثلما عين في شباط الامير مقرن ابن الـ 68 سنة، اصغر ابناء عبد العزيز في منصب نائب ثانٍ في الحكومة السعودية.
هذا تعيين هام واعلاني. عندما يكون الملك رئيس الوزراء وقائد القوات المسلحة (الى جانب باقي صلاحياته) فان النائب الثاني (الاول هو ولي العهد) يتبوأ منصب الادارة العملية للدولة ويقوم باعمال الملك عندما يتغيب هو او ولي عهده. في وضع يكون فيه ولي العهد الحالي ليس "بكامل قوته"، فان النائب الثاني هو عمليا القائم الكامل بالاعمال. ويعتبر المنصب خشبة قفز لمنصب الملك. الملك فهد والملك عبدالله ووليا العهد اللذان توفيا كانا فيه. مقرن، الذي كان طيارا قتاليا ورئيس استخبارات السعودية، هو أحد الموالين المقربين للملك، وقد كلفه بمهام حتى قبل التعيين الاخير. فقد كان مسؤولا عن ملف افغانستان والباكستان، وهو يعالج الازمة في سوريا ويعتبر ذا موقف حازم ضد ايران. تعيينه، والتلميح في أن الملك يريده كخليفة، لم يتم استيعابه بعد من كل مجموعات الامراء في المملكة، ولا سيما أحفاد عبد العزيز، الذين يطالبون بطرح مرشح من بينهم.
يجدر الانتباه الى الامير مقرن.
فالرجل، الذي اكتسب تعليمه العالي في بريطانيا وأمريكا، وحسب سيرته الذاتية يحب علم الفضاء والشعر العربي ولديه مكتبة بالاف الكتب، كفيل بان يكون الزعيم القادم الذي سيدير ليس السعودية وحدها، بل والشرق الاوسط.
عن هآرتس - بقلم: تسفي بارئيل.