بداية أود أن أعلن , انه لا علاقة لي لا بالتجارة ولا بالاقتصاد , وإنني عندما حاولت أن أدير عملا تجاريا صغيرا بعد إحالتي على التقاعد مبكرا , فشلت في ذلك فشلا ذريعا,فأنا لا ادعي علما ومعرفة بهذا الموضوع إطلاقا, والمعلومات التي امتلكها لا تعدّو أن تكون سوى معلومات نظرية ,سطحية , استقيتها ,من مصادر الأخبار ,المكتوبة والمسموعة والمرئية , و علاقتي الوحيدة بهذا الموضوع كانت من خلال دراستي في كلية التجارة والاقتصاد بالجامعة الأردنية في منتصف السبعينات من القرن الماضي, من خلال تخصصي الفرعي في ( العلوم السياسية ) , وكنا وقتها نستغرب , لماذا يتبع هذا التخصص لهذه الكلية , مع أن موضوعه يتعلق بالإنسانيات ,ولكن بعد تخرجنا من الجامعة بزمن , تم إلحاق قسم العلوم السياسية , بكلية العلوم الإنسانية , مع التاريخ والآثار والفلسفة والاجتماع, والجغرافيا, ربما لاقتناع المسؤولين في الجامعة بنفس الأسباب التي دفعتنا للاستغراب في حينه. ولكنني الآن أعلن بصراحة ,أن استغرابنا آنذاك , لم يكن في محلة , بعد أن عركتنا التجربة والحياة , وعرفنا ما كنا نجهله سابقا , وازدياد معرفتنا عن أهميه الاقتصاد في سياسات العالم و تأثيره على مجريات الحياة اليومية للبشر في أنحاء الكرة الأرضية بلا استثناء , وعليه فإنه يجب إعادة النظر , بارتباط قسم العلوم السياسية وإعادته إلى سابق عهده مع التجارة والاقتصاد , بل اقترح ,أن يتم دمج كليه الاقتصاد والتجارة مع كلية العلوم الإنسانية جميعها في كلية واحدة , تسمى فقط (كلية الاقتصاد البشري ) , لما للاقتصاد من تأثير مباشر في حياة البشر, في كافة النواحي , حيث أن السياسة تعتمد علية وتسير حسب رغباته والجغرافيا السياسية والبشرية والطبيعية تتأثر به , ومعظم نظريات الفلسفة والفكر والاجتماع , كتبت من اجله أو في الوقاية من تأثيراته , والتاريخ ( رغم أنى لم أكن متحمسا للتفسير المادي ) كتب في أكثره بسببه وعن مجرياته وتأثيراته أيضا,أما علم الآثار , فإنه يركز دراساته على مخلفات الحضارات الإنسانية المادية .
إذن الحراك والصراع البشري عبر التاريخ كان الاقتصاد محورة ومحركه الرئيسي , فمنذ كان الناس رعاة كانوا يتقاتلون على الكلأ والمرعى ( الغزو ) وربما بعضهم إلى الآن , كالصراع في( دار فور) مثلا , ألم تكن الكشوف الجغرافية , سببها البحث عن طرق بديلة للهند(تجارة البهارات والتوابل ), لا تمر بالعالم الإسلامي المعادي لأوربا ذلك الحين ,ألم يكن التنافس الاستعماري بين الدول الكبرى , بعد الثورة الصناعية, على استغلال وسلب مصادر الثروة عند الأمم الأخرى, واستعمار بلدانها بسببه , اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت بلاد الشام والعراق بين بريطانيا وفرنسا, كفلت لبريطانيا طريقا أمنا إلى مستعمرتها في الهند مرورا بالبلدان الواقعة تحت نفوذها كباكستان( كانت جزء من الهند ) وأفغانستان وإيران والعراق ( التي ضمت إليها حسب الاتفاقية المناطق غير العربية في الشمال بسبب البترول المكتشف حديثا فيها ) إلى سواحل فلسطين , ولست بصدد الإسهاب في دهاليز التاريخ وحوادثه , فالا مثله كثيرة ومتعددة ولكن بالأمس القريب , آلم يقم الجيش الأمريكي , عندما احتل العراق , بحماية وزارة النفط العراقية وعدم حلها ,دون غيرها من الوزارات والمرافق .
إن كل الحروب والنزاعات التي تحدث بالعالم يكون عادة دافعها الرئيسي(الاقتصاد) , وقد يستغل الدين أحيانا كغطاء لشن هذه الحروب مثل الحروب الصليبية , وزرع اليهود في فلسطين , أليست أهداف ودوافع التبشير الديني , والاستشراق المدعوم من الدوائر الاستخباريه الاستعمارية الحقيقية اقتصادية ,ألم تكن الحرب الباردة بين دول حلف الناتو برئاسة أمريكيا , ودول حلف وارسو برئاسة الاتحاد السوفيتي سابقا , اقتصادية .
أما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي , فقد انكشف الوجه الحقيقي , للدول الامبريالية الاستعمارية وعلى رأسها أمريكيا , وأصبحت تنفرد , وتتحكم بمقدرات العالم ألاقتصاديه , وبدأنا نسمع , بالبنك الدولي , وصندوق النقد الدولي , ومصطلح العولمة وقطارها المخيف المندفع , وتهديدها المبطن للدول وخاصة دول العالم الثالث بأن من لا يركبه سوف يسقط وينتهي , وبدأت الأصوات تعلو بصراحة وخاصة في أمريكيا أنها سوف تدافع عن نمط الحياة الأمريكي ومصالح أميركا الاقتصادية وعلى رأسها (البترول) لقد افتعلت أمريكيا الحروب التي أدت إلى احتلالها العسكري المباشر لدول مثل العراق وأفغانستان وهيمنتها العسكرية بتواجد قواتها العسكرية على أراض دول أخرى بحجه حمايتها من اجله .
لا أريد الإطالة ولكن رغم تأكيدي على عدم معرفتي بالاقتصاد والتجارة , هنالك موضوع يحيرني وهو رغم انخفاض سعر الدولار وارتفاع أسعار البترول , لم نعد نسمع عن سحب البنوك المركزية , في أمريكيا أو اليابان , لكميات الدولار الفائضة من الأسواق للمحافظة على استعارة , ولا عن اجتماعات لدول منظمه الأوبك لزيادة إنتاجها من البترول في سبيل تثبيت استعارة عند حد معين , وإنني أحيل استفساري هذا إلى المحلل الاقتصادي الأردني الكبير الدكتور فهد الفانك المحترم , علة يجد تفسيرا لهذه الظاهرة , إذا كنت محظوظا وتيسر له الاطلاع على مقالتي هذه , وأكون شاكرا ممتنا له , إذا رد عليها , أو كتب مقالا يتحدث عن هذا الموضوع .