تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان الأخير عن واقع الحريات في الأردن العام 2006، كان لافتا للنظر ومتقدما عن التقريرين اللذين سبقاه، وكان لافتا جدا رأيه القانوني في مسألة الحق في الجنسية..يقول المركز أنه تلقى خلال عام 2006 العديد من الشكاوى المتعلقة بالحق في الجنسية، ويتضح من خلالها ان هناك انتهاكات واضحة تقع على حق الأفراد بالجنسية، مما يترتب عليها العديد من الآثار والنتائج الخطيرة ومن أبرز هذه الانتهاكات كما يقول التقرير:
- سحب الوثائق الرسمية من العديد من المواطنين (جوازات سفر، هويات أحوال مدنية، أرقام وطنية، وثائق الإقامة، رخص قيادة السيارات) استناداً إلى قرار فك الارتباط الصادرعام (1989) حيث يبقي هؤلاء دون جنسية او أية وثائق رسمية تثبت شخصيتهم، وتحرمهم من حق التنقل والسفر، وتمَ إبعاد عداداً من الأفراد الذين كانوا يقيمون بشكل شبه دائم على أراضي المملكة والمتزوجين من أردنيات، تاركين أزواجهم وأطفالهم بسبب سحب الوثائق التي كانوا يحملونها.
- سحب الوثائق الشخصية العائدة لأشخاص مولودين في المملكة ويقيمون فيها لأكثر من ثلاثين عاماً، وخدموا في العديد من أجهزة الدولة استناداً الى قرار فك الارتباط، مما ترتب عليه فقدان أبنائهم الأوراق الثبوتية اللازمة لإثبات شخصياتهم.
- استرداد جوازات السفر الممنوحة لبعض الأشخاص لدى مراجعتهم دائرة الأحوال المدنية لتجديد وثائقهم الرسمية، وتبليغ هؤلاء الأشخاص بعدم أحقيتهم بالحصول على أية وثائق او الجنسية الأردنية لعدم انطباق قانون الجنسية عليهم.
- رفض وزارة الداخلية منح الجنسية لبعض الأجانب المقيمين في الأردن والذين تقدموا بطلبات لوزارة الداخلية للحصول على الجنسية، بعد استكمالهم الشروط اللازمة لذلك ومنها تنازلهم عن جنسياتهم أمام سفارات دولهم وصدور قرار من دولهم بسحب جنسيتهم الأصلية، مما يترتب عليه أن يصبح هؤلاء بدون جنسية، ويلحق بهم أفدح الأضرار، كما يلحق الضرر بأبنائهم القاصرين كونهم يتبعون لأولياء امورهم حسب قانون الجنسية.
وقد لاحظ المركز أنه ترتب على هذه الإجراءات نتائج خطيرة من أبرزها:
• حرمان بعض المواطنين من جنسيتهم، مما يشكل إهداراً لحق إنساني معترف فيه بكافة المواثيق الدولية والقوانين الوطنية، ألا وهو الحق في الجنسية.
• حرمان الأطفال من حقهم في التعليم وخاصة في المراحل الأولى الإلزامية نتيجة سحب الوثائق الرسمية من والدهم.
• تقييد حرية التنقل بحيث يصبح الشخص غير قادر على التنقل داخل إقليم الدولة، وحرمانه من حرية التنقل خارج اقليم الدولة.
• حرمان الشخص من العمل وكسب العيش مما يترتب عليه اضرار نفسية ومعنوية قد تدفع البعض الى طرق غير مشروعه لكسب عيشهم.
وبناء على كل ما تقدم أوصى المركز الوطني لحقوق الإنسان:
• أن لا يتم منح الجنسية ونزعها إلا وفقاً للقانون، حيث نصت المادة (5) من الدستور الأردني على أن " الجنسية الأردنية تحدد بقانون "، وليس استنادا الى قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية، أو أي تعليمات صادرة بموجبه.
• إلغاء تحفظ الأردن على المادة (9) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة بحيث تمنح المرأة حقاً مساوياً للرجل في منح جنسيتها لأطفالها، وتعديل قانون الجنسية بما يتلاءم ونصوص الإتفاقية.
• تتشكيل لجنة لدراسة الحالات الإنسانية العاجلة واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.
والحقيقة أن مثل هذه اللجنة التي يوصي المركز بتشكيلها شُكلت بالفعل في وزارة الداخلية، إلا أننا لم نعد نسمع عنها شيئا، بعد أن هاجمها البعض، باعتبار أنها تفتح الباب لإعادة دراسة قرار فك الإرتباط، رغم النفي الرسمي لهذا الاعتبار!
قنبلة المركز الوطني لحقوق الإنسان، تفتح المجال لكل متضرر اللجوء للمحكمة، باعتبار الإجراءات التي تمت بخصوص الجنسية وما تبعها، لم تكن قانونية، حسب ما قال تقرير المركز، الذي نثق بأنه عرض على قانونيين محترفين قبل إعلانه على الملأ، وكون المركز يحظى برعاية ملكية خاصة، ويحظى كل ما ينتج عنه باهتمام حكومي كبير، وهو الأول من نوعه في المنطقة العربية، وأنشىء كي يكون عونا لأجهزة الدولة المختلفة لتصحيح مساراتها بما يتفق مع المعايير المعروفة في حقوق الإنسان، وإن لم تؤخذ توصياته بالأهمية اللازمة، فليس من المجدي تأسيسه أصلا..
al-asmar@maktoob.com