العناني : لا بد من الآلام
26-06-2013 12:37 AM
عمون - التفكير في إجابة عن سؤال كيف يمكن أن نحسن وضع موازنة الدولة وضبط الإنفاق وتشجيع الاستثمار، دون أن يفاقم كل ذلك من آلام الناس ويزيد في معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية؟ هو المحور الأساسي الذي ركزت عليه محاضرة الدكتور جواد العناني "الموازنة والنمو والعدالة الاجتماعية" صباح الثلاثاء في الجامعة الأردنية.
مشغولاً في طرق مختلف آفاق السؤال/ المعضلة، رأى العناني رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي الأردني أن الفساد هو الطامة الكبرى التي من شأنها أن تقوّض الحضارات، وتقضي على آمال الإصلاح وتسبب خسائر اقتصادية واجتماعية لا حصر لها. وهو، وفي سياق قراءته أضرار الفساد، ذكر أن كل دينار رشوة في قطاع المقاولات، على سبيل المثال، يكلف الدولة والمجتمع ستة دنانير خسارة تضاف إلى باقي الأعباء والديون. وهو، أي الفساد "ظلم يضيّع مبدأ الجدارة والاستحقاق ويذهب بالجهد الحقيقي إلى أدراج الرياح".
العناني الوزير الاسبق لوزارات التموين والعمل والصناعة والتجارة والسياحة والإعلام والخارجية، والرئيس السابق للديوان الملكي، ذهب في المحاضرة التي نظمتها له كلية الآداب في الجامعة، إلى أن الأزمة الاقتصادية المحلية ليست حكراً على الأردن، وأن تراجع الأوضاع الاقتصادية ظاهرة منتشرة حالياً في مختلف بقاع الأرض، إذ لا يوجد في العالم جميعه سوى 12 دولة لديها فائض في موازناتها. وأن البطالة تتفشى في مشارق الأرض ومغاربها.
"لا بد من الآلام"، يرى العناني، فالعلاج "أحياناً قد يكون صعباً، والدواء قد يكون أكثر إيلاماً من الداء، والحل السعيد هو غالباً حلٌّ غير موجود على أرض الواقع".
سؤال آخر طرحه العناني: هل نعطي الدعم للسلعة أم نعطي الدعم للمواطن؟ وهو السؤال الذي أجاب عنه من خلال تجربته الاقتصادية السياسية الممتدة: علينا أن نوجه الدعم للمواطن، فذلك أكثر عدالة وإنسانية، فالطب المتقدم، بحسب العناني وكما في بريطانيا على سبيل المثال، هو "الطب الذي يعالج المريض وليس الطب الذي يعالج المرض".
"نعم توجد حلول سريعة" يقول العناني، ولكنها "الحلول التي تتبناها الحكومة ويحتج عليها الناس: رفع أسعار الماء والكهرباء والسلع الأساسية، إيقاف التوظيف الذي يقود إلى بطالة مقنعة ويهلك الموازنة ويغيّب مبدأ الكفاءة ويزيد من عدم الإنتاجية".
العناني دعا في سياق محاضرته إلى تبني استراتيجية واضحة تضمن في نهاية المطاف توزيع الكعكة بالتساوي ولو بعد حين "فنحن أمام قرارات صعبة تحتاج إلى شجاعة وعقد اجتماعي مبين يصل بنا في نهاية المطاف إلى مفهوم عدالة مدروس وصادق وأمين تضبط فيه الموازنات ويجري خلاله تبني منهجية الصبر فلا حلّ في المدى المنظور والعاجل، على أن تتحقق العدالة ويتم تجاوز الضائقة في المديين المتوسط والبعيد، عبر التحول إلى مجتمع منتج تسوده الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ويصل بنا إلى الرفاه".
العناني الذي رأى أن لا أحد يضحي بلا طائل ولا أحد يكسب طوال الوقت، أكد في ختام محاضرته أنه متفائل بمستقبل الأردن شرط فتح باب الحوار بين الناس وأصحاب القرار "فرأسين أفضل من رأس واحد"، وشرط وجود قابلية لدى الجميع للتضحية والرضا بكلف الحل مهما بلغت قسوتها.