أنا مواطن قاطن في مكان ما من هذا الشاسع العربي, لا يعتبرني العالم انني انسان مكتمل النمو, ففي كل حقبة ومنذ اكثر من الف عام يتعاملون معي على انني مجرد شئ,مرة يحولونني الى وسيلة, ومرة اخرى الى غايه, واحيانا الى قطعة حلوى,يبتلعونني جزءا جزءا دون ان تصرخ او تحتج باقي اجزائي,احيانا يقتاتون على تاريخي ,يكتبون مايشاؤن,ويمحون مايشاؤن, نقاط التعجب والفواصل والاستغراب والنقطه اخر السطر هم من يقررونها عني, اسمي وكنيتي وطبيعتي ولغتي واتجاهاتي الدينيه والفكريه ايضا هم من يسمونها ويعلنونها نيابة عني , وعن المواطن الذي يحمل نفس صفتي, ويقطن ايضا بالقرب من وسادتي .
وجدت في اجندة حجارتي الصحراوية التأريخيه مئات الصفات التي اطلقوها علي, منها ,عالم ثالث , همجي, غبي شرق اوسطي, بترولي,متخلف جاهلي, طائفي مذهبي, وصفات اخر ,منها, هذا الشئ يحب النوم طويلا, لايتقن الحضاره, قد يوقع ويبع,لا يعرف شرقه من غربه, فالخريف من الممكن ان تقنعه انه ربيع, سريع التأثر , عصبيا, نزقا, قد يشن حربا من اجل شق تمره, احد اجداده قاتل مئة عاما غضبا على سبق للخيل,وعجوزا اذكت نار فتنه لناقة جرباء لخمسون معركة,.
رأيتهم خلسة من وراء الستار_انا المواطن الشئ_ يتبادلون اقداحم فوق قبر لوطني, يقسمونه , هذا لي , وذاك لك ,وهو تكفيه هذه الجماجم, يحملها على ظهره ويتنقل ليعرضها في اسواق المؤتمرات العالمية,دعوه يتحدث,يكتب يستنكر,ويرفع لنا شكواه ,ويمد يداه يتسول قرار او هدنة لحظيه,
في نهاية ليلتهم تلك سمعت احدهم يقول , اوعدوه, لا شئ في الوعد يخيف , لا بد ان ننظر قضيته ومظلمته بعد مئة سنة ضوئيه. لديه أمل , لماذا نحرمه من الامل,هي مجرد امنيات في بعض القرارات لا اكثر.
دخلت خلوتهم وقلت لهم , اعذروني , خذوا ما شئتم واعطوني تلك الحقيبة ارحل بها , قفزت عينا احدهم لي وقال ومابها حقيبتك هذه , قلت له , يقال ان اجدادي وضعوا فيها كل اسرار الابجديه.... مددت يدي كي التقطها من بين ارجلهم , مدوا احذيتهم وداسوا على كفي حتى اخلتط دمي بالاحرف , وشق صراخي عنان السماء دون ان تجيبني كل الاشياء في وطني الكبير ,لأنهم مسخوا عليها القاب جديده ,لا تفهم لغتي أنا المواطن ... العربي .. القاطن .. في مكان لا يقرأ ولا يتحدث الا بما يشاؤون