هل ستصدر الحكومة ملحقاً للموازنة بعد أشهر؟
د. عادل محمد القطاونة
25-06-2013 01:48 AM
بين مؤيد ومعارض إنتهى قبل أيام قليلة النقاش الدائر حول قانون الموازنة العامة للعام 2013 نيابياً ، وتصاعدت الآهات هنا وهناك عن واقع إقتصادي مرير تعيشه المملكة منذ سنوات فالأحداث السياسية الحرجة والمستمرة داخلياً وخارجياً أدخلت المملكة في مطبات إقتصادية متتالية أرهقت الموازنة العامة فتساقطت أرقامها تبعاً لواقع الأحداث المحيطة !
لقد بلغ عجز الموازنة المقدر للعام 2013 مبلغ 1309752 (مليار دينار وثلاثمائة وتسع مليون وسبعمائة واثنان وخمسون ألف دينار) أما مصادر التمويل فقدرت بمبلغ 5444415 (خمس مليارات واربعمائة واربع واربعون مليون دينار واربعمائة وخمس عشر دينار) تتضمن تغطية العجز للعام 2013 وتسديد أقساط القروض الداخلية والخارجية وإطفاء الدين الداخلي وإطفاء سندات دين البنك المركزي)، وإعتمدت موازنة التمويل على الاقتراض الخارجي عن طريق البنك الدولي وعن طريق اصدار سندات يورو إضافة إلى القروض الداخلية.
من الملاحظ أن أحد أهم حلول مشاكل المديونية يكمن في الإستدانة لمعالجة جانب في المديونية !! وهذا يتناقض مع الطرح القاضي بالوصول إلى موازنة شفافة وصحية تحتوي المديوينة العامة ولا يبشر في تحقيق إصلاح حقيقي للجانب الاقتصادي وتحقيق الاستقرار النقدي المنشود.
بلغت المنح الخارجية المقدرة مبلغ 850 مليون ، والسؤال المطروح ما هو المبلغ المتوقع تحصيلة ؟ حيث أن تجربة السنوات السابقة إصطدمت بواقع مرير في أن المحصل من المنح والمساعدات الخارجية لا يشكل أكثر من 10 % مما هو مرصود في الموازنة مما يستلزم من الحكومة إصدار ملحق للموازنة العامة !! وهنا يتسائل البعض عن دور وزارة التخطيط والتعاون الدولي وزارة المالية من هذه الأرقام والدقة من هذه المبالغ بما يكفل عدم الإضطرار بعد فترة إلى إصدار ملحق للموازنة العامة.
بمقارنة أرقام الموازنة العامة للعام 2013 وأرقام الدين العام مع الناتج المحلي الإجمالي نجد أن نسبة الدين العام المترتية على المملكة ارتفعت لأكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي وهذا يهدد الإستقرار الاقتصادي ، ويستلزم إعادة النظر بالسياسات المالية والاقتصادية والضريبية بشكل شمولي لتعزيز مصداقية الاصلاح المالي وأن ثمار هذه الإصلاح يجب أن تنعكس على الناتج المحلي الإجمالي بشكل إيجابي.
في مابل ذلك بدا جلياً أن هنالك خلل واضح في النظام الضريبي في المملكة من حيث الإيرادات أو النفقات ، حيث أن هذا النظام لا يراعي التصاعدية وهذا بحد ذاته يشكل إختراقاً للمادة رقم 111 من الدستور الأردني التي تستوجب التصاعدية ، كما أن هذا القانون لا يراعى العدالة الإجتماعية ، فضلاً عن التهرب الضريبي الذي تشير الدراسات إلى أن نسبته في المملكة تتجاوز ال30% ! وبمتابعة الأرقام الواردة في الموازنة العامة يبدو جلياً أن بعض النفقات قد إرتفعت عنها في السنوات السابقة ومن ذلك نفقات مجلس الأمة ورئاسة الوزراء ووزارة الدفاع والخدمات الطبية الملكية ووزارة الداخلية ووزارة المالية والطاقة والتربية والتعليم والنقل.
تشير بيانات البنك المركزي إلى إرتفاع رصيد الدين العام (الداخلي والخارجي) الفعلي للمملكة بنسبة 12 % لنهاية حزيران من العام 2012 مدفوعا بنمو متزايد لكفالات الحكومة لديون مؤسسات وطنية في مقدمتها شركة الكهرباء الوطنية حيث بلغ رصيد الدين العام 15 مليار و16 مليون دينار (21.3 مليار دولار) في النصف الاول من العام 2012 مقارنة مع رصيد الدين البالغ 13 مليار و402 مليونا في نهاية 2011 وبتحليل هذا الدين فقد تبين وجود إرتفاع في صافي الدين العام الداخلي الى 10 مليارات و625 مليون دينار لنهاية حزيران الماضي مقابل 8 مليارات و915 مليونا رصيد نهاية 2011، أما في ما يتعلق بالدين الخارجي فقد ارتفع الدين العام الخارجي الى 4 مليارات و491 مليون دينار لنهاية حزيران من العام 2012 مقارنة مع 4 مليارات و487 مليونا في نهاية 2011.
إن هذه البيانات تدعو بما لا يحمل الشك على أن المملكة قادمة لإصدار ملحق للموازنة العامة يرافق ذلك جملة من الإصلاحات الإقتصادية لتخفيف العجز والمديونية، إنسجاماً مع مسلسل الإصلاحات الإقتصادية المستمر عبر السنوات الماضية والذي كان من نتائجه دائماً زيادة المديونية والعجز!! ولعل من أوائل هذه الإجراءات الإصلاحية هي زيادة أسعار الكهرباء وفرض الضرائب على بعض السلع والخدمات ورفع الدعم عن بعض السلع المدعومة وبمعادلة أخرى زيادة أعباء المعيشة على المواطن الأردني الذي تآكل دخله عبر سنوات الإصلاح الإقتصادي.
a.qatawneh@zuj.edu.jo