منطقة عسكرية عازلة في الأردن
ماهر ابو طير
24-06-2013 05:56 AM
آلاف الاردنيين الذين يعيشون في المناطق الشمالية المجاورة للحدود السورية يشتكون بشدة من الوضع الميداني،اذ ان الانفجارات على مقربة منهم،وحياتهم انقلبت رأساً على عقب.
مزارعهم تحولت الى نقاط عبور للاجئين السوريين،والصواريخ تتساقط احياناً،في تلك المناطق،والبيوت قيد الخطر والاهتزاز.
هناك خوف في هذه المناطق،من تمدد الاعمال العسكرية،الفترة المقبلة،خصوصاً،مع التقارير التي تتسرب حول اشتداد المعارك،ووصول اسلحة متطورة الى الجيش الحر،مما يعني ان كل القرى والتجمعات السكنية الاردنية القريبة من الحدود باتت مهددة.
التقارير الاعلامية العالمية تتحدث كل ساعة عن مداخلات اردنية في الملف السوري،والرسميون هنا ينفون هذه التقارير،غير ان الواضح ان النفي بات ضعيفاً امام هذا الضخ المعلوماتي.
التسريبات تتحدث ايضا عن تفجير محتمل في مخيم الزعتري،وجثث السوريين يتم اكتشافها بشكل متتال ٍ وغامض خلال فترة قصيرة،والكلام مستمر عن الخلايا النائمة،وتهريب الاسلحة من سورية الى الاردن،يحدث احياناً،وكلها روايات مثيرة للتساؤلات.
فوق هذا فان المنطقة كلها تحولت الى منطقة عسكرية بفعل وجود الخبراء الامريكيين وبطاريات الباتريوت،والاستعدادات الاردنية لمواجهة كل الاحتمالات واضحة،خصوصاً،ان انفجار الوضع في جنوب سورية،سيرتد على المناطق الاردنية القريبة.
هذا يعني ان هذه المناطق،لم تعد مدنية آمنة،بل باتت مناطق اعمال عسكرية،ومؤهلة لاخطار كثيرة،ولعل السؤال المطروح يتعلق بكيفية التعامل مع واقع وحياة السكان المدنيين في تلك المناطق،وهل سيبقون تحت هذه المخاطر،أم سيتم نقلهم الى اماكن اخرى من باب الاحتياط،أم ان الامر متروك لمفاجآت الفترة المقبلة؟!.
بهذا المعنى تكون تلك المناطق تحت الخطر،وكأنها باتت جزءاً من الازمة السورية،وهذا يفرض احد حلين،أولهما عدم التدخل نهائيا في الملف السوري،لضمان عدم حدوث ارتدادات امنية وعسكرية داخلية في تلك المناطق،وثانيهما،الشفافية ومصارحة الناس،حتى لا يقعوا فجأة تحت وطأة الاعمال العسكرية في جنوب سورية،وبما قد يضرهم ويهدد حياتهم.
كل المؤشرات تقول اننا امام منطقة انقلبت الى منطقة عسكرية تحت الاخطار العسكرية والكيماوية،ومفتوحة على كل الاحتمالات،ولا يمكن التضحية باستقرار الناس،تحت وطأة عدم إخافتهم،فيما الواقع يشي بتطورات خطيرة جداً.
نقل الناس من تلك المناطق الى مناطق اخرى،سيثير رد فعل غاضب،لان الترحيل سوف يتسبب بأضرار حياتية لهذه العائلات،وكأننا امام حالة لجوء بين الاردنيين بفعل الازمة السورية،واذا كانت حياة الناس ُمهدّدة،فما الذي يمكن فعله لهؤلاء غير تطمينهم بعد ان باتوا وسط منطقة عسكرية تشهد تطورات متسارعة وخطيرة؟!.
حماية الاردنيين امر لاشك فيه،غير ان الكلام هنا عن تجنيبهم الاعمال العسكرية المحتملة،كلياً،بدلا من بقائهم في وسطها،ثم الدفاع عنهم،مما يوجب وضع خطة تفصيلية،بدلا من ترك هذا الملف للاحتمالات المقبلة.
العالم يتحدث عن منطقة عازلة داخل سورية،وعن حظر جوي محتمل،والمفارقة هنا،اننا قد نكون بحاجة الى منطقة عازلة عسكرية داخل الحدود الاردنية،لتجنيب المدنيين الاردنيين اي اخطار قد تأتي من الجانب السوري،ومن الفوضى العارمة هناك.
لا يمكن ترك الاردنيين وسط منطقة عسكرية حبلى بالمفاجآت،ولا بد من حل،يحمي الناس،ولا يكون على حسابهم ايضاً.
الدستور