إن ضميري، كوطني أردني، لا يسمح لي بتجاهل مرابطة قوات أجنبية في البلاد، وفي ظروف وأهداف غامضة، وبقرار لم يصدر عن مجلس الوزراء، صاحب الولاية العامة، ولا يحظى بمصادقة البرلمان.
إن اهتمامي بالتطورات في سورية، هو، بالدرجة الأولى، اهتمام بالمصالح العليا للأردن والدولة الأردنية وأمنها الوطني. وتقلقني جدا السياسات التي يتبعها المسؤولون الأردنيون في هذا المجال؛ فالانتصار الحاسم للنظام السوري ضد الإرهابيين ـ وكل من يحمل السلاح ضد الدولة السورية هو ارهابي ـ يشكل الضمانة الوحيدة لتلافي مخاطر التقسيم وقيام الامارات التكفيرية في البلد الشقيق، وتصدير الإرهاب إلى الأردن، وسط إغراق بلدنا باللاجئين. إن سقوط سورية في أيدي جماعات مرتبطة بالقوى الظلامية والغرب والخليج، سيؤدي إلى اضعاف المناعة الأردنية في مواجهة مشاريع التوطين والوطن البديل وتصدير التمرد المسلح إلى الديار الأردنية.
مصالح الوطن والدولة والحركة الوطنية والنظام، تتمثل في تقديم الدعم لنظام الرئيس بشار الأسد ـ الذي يحظى وفق تقارير حلف شمالي الاطلسي نفسه ـ بتأييد 70 بالمائة من السوريين، وليس مساعدة الجماعات المسلحة على إطالة أمد الحرب. وهذا تسعى اليه المقاربة اللاعقلانية التي يعتمدها وزير خارجية الولايات المتحدة، جون كيري، القائلة بتحسين شروط الجماعات المسلحة ـ ومعظمها يرتبط بالقاعدة ـ من أجل خلق شروط التفاوض في جنيف 2 من دون الرئيس الأسد. وهذا تصوّر غير واقعي، ومعناه الوحيد دعم القتال ضد الأسد حتى يسقط. وهذا، أيضا، غير واقعي كما دلت أحداث السنتين الفائتتين.
السياسة الأردنية التي انتقلت من الحياد إلى التماهي مع المشروع الاميركي الخليجي في سورية، تضر بالمصالح الوطنية الأردنية؛ إنها، في الحقيقة، سياسة انتحارية. ولا يمكنني أن أصمت بينما أرى بلدي يسير في طريق غامض ومظلم، ولا أستطيع أن أكتب عن قضايا فرعية ـ مهما كانت مهمة ـ بينما الدولة الأردنية تتعرّض للخطر بسبب القبول بضغوط حلفائها / أعدائها.
من المفارقات العجيبة أن يشارك الأردن في مؤتمر أقرّ خطة سرية للتدخل ضد النظام السوري. أليس هذا ما أعلنه رئيس الوزراء القطري، حمد بن جاسم ؟ وهل يمكن لوزير خارجية أردني أن يقبل بتصريحات كيري التي تحرّض، علنا، طائفة ضد أخرى في سورية، وكأن كيري قد انتمى أيضا لجبهة النصرة!
كما قلنا ـ وأعدنا القول ـ منذ سنتين، فإن نظام الرئيس بشار الأسد ، لحسن الحظ، باق، وسيتمكن ـ بفضل تماسك وصمود أجهزة الدولة المدنية والعسكرية والأمنية السورية، كما بفضل الحلفاء الأقوياء والأوفياء ـ من الانتصار على الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار في سورية الحبيبة. ولا أريد لوطني أن يكون مع المهزومين والمتضررين جراء ارتكابات تخطىء التقدير، وتخطىء النتائج.
nahed.hattar@alarabalyawm.net
العرب اليوم