خلال الأسبوع الماضي، طلبت شركة بريتش بتروليوم من الحكومة تمديد فترة التنقيب عن الغاز الطبيعي في حقل الريشة سنة إضافية، وهو العام الخامس.
نتائج العمل للسنوات الماضية وتحديدا الثلاث الأولى، على ذمة الشركة البريطانية غير مجدية، أما حصيلة التنقيب للسنة الحالية فهي غير معلنة بعد، وربطت الشركة الإفصاح عنها بالموافقة على التمديد.
منذ العام 2010 بدأت الشركة العمل، وحفرت في بئر 47 وأغلقته، وأكدت في حينه أن النتائج سلبية، ثم تابعت العمل في بئر 48 ولم تنتهِ منه بعد، ويقول مطلعون إن الشركة تماطل بإعلان النتائج النهائية لعملها.
علميا تقول الشركة إن النتائج غير مجدية، لكن عمليا، وتبعا لمسلكيات هذا النوع من الشركات العابرة للعالم، فإن إنفاق نحو 400 مليون دولار للتنقيب ليس قليلا، والإصرار على التمديد يحمل بين ثناياه كثيرا من الأسئلة.
إذا كانت النتائج سلبية، فلماذا تصر الشركة على التمديد الذي سيكبدها مبالغ إضافية تصل إلى 100 مليون إضافية، ليصل إجمالي الإنفاق نحو نصف مليار دولار، تعلم الشركة أنها ستستردها في حال بدء الإنتاج التجاري للغاز؟
بحسب اتفاق الشركة مع الحكومة تحصل الأولى على 85 % من كميات الغاز، فيما يحصل الأردن على 15 %، وثمة سؤال كبير لم تتم الإجابة عنه حتى الآن، هل سيشتري الأردن غازه بالأسعار العالمية أم بسعر تفضيلي؟
بعيدا عن التحليل وقراءة ما بين السطور، ثمة معلومات تُتداول عن ممارسات يمكن وصفها بـ "الابتزاز" من قبل "بريتش بتروليوم" للحكومة، تتعلق بعمليات التنقيب عن الغاز في الأردن والعراق.
ويقال إن التوقعات تشير إلى إمكانية وجود كميات كبيرة من الغاز في ذلك الحقل، وما تحاول الشركة فعله هو ابتزاز الحكومتين العراقية والأردنية؛ فمن يدفع أكثر يستخرج غازه أسرع.
ما يتداول يلتقي مع معلومات مؤكدة تكشف أن الحدود التراكيبية بين الأردن والعراق تضم حقل غاز مشتركا بين البلدين، وبالفعل تم تشكيل لجنة رسمية من الطرفين قبل عامين لبحث المسألة ودراسة الحقول الممتدة غرب الريشة.
شركة بريتش بتروليوم تعمل في العراق، ليس في المنطقة المشتركة بل في حقل الرميلة في البصرة، وهو أكبر حقول الغاز العراقية، المهم في الموضوع أن مدير الشركة في المنطقة مارك جولبرن مسؤول عن عمليات التنقيب في البلدين، وعن جميع نشاطات الشركة المماثلة في منطقة الشرق الأوسط.
وفقا لاتفاق الأردن مع الشركة، تلتزم الأخيرة بالتنسيق مع الحكومة الأردنية حول الأعمال المشتركة، بحيث لا يقع ضررعلى أي طرف، وهذا ما لا يحدث.
فالشركة لا تنسق ولا تشاور، وردها يحمل نوعا من "المماطلة"؛ فهي تؤكد أن عملها في العراق ليس مشتركا مع الأردن، كونه لا يقع في الحقول التراكيبية المشتركة.
التفاصيل مثيرة وتوحي أن الشركة تحيك شيئا لغاز المنطقة بأسرها، وتسعى لتحقيق مصالحها بغض النظر عن مصالح الدول المتعاقدة معها وأزمات الطاقة الخانقة التي يعاني منها بلد محدود الموارد مثل الأردن.
بين ما تقوله بريتش بتروليوم، وما يتداول في الغرف المغلقة، إضافة إلى ما يراه الخبراء، ثمة سطر مفقود، يلزم الكشف عنه لتنجلي الحقيقة، ونعلم هل ستضيع الفرصة مجددا ويغلق ملف الغاز بدون إنجاز يسجل؟
أهمية الغاز أنه كان سيوفر مصدرا جديدا للطاقة، يقلل العبء ويجعل الأردن يبدأ الخطوة الأولى في رحلة الاعتماد على مصادر محلية للطاقة، بدلا من استيراد 98 % من الاحتياجات.
الأردن بنى آمالا كبيرة على ملف الغاز، فهل تتبخر الأحلام مجددا، وهل تضيع الفرصة أمام ترتيب أولويات الشركة البريطانية؟
jumana.ghunaimat@alghad.jo
الغد