العطلة الصيفية واستثمار وقت الطلبة
د. بلال السكارنه العبادي
23-06-2013 03:52 AM
ما بداية كل عطلة صيفية ونحن على وشك الانتهاء من الامتحانات النهائية لطلبة المدارس ( التوجيهي ) وحتى الجامعات ، يبدأ الاهالي بالبحث عن كيفية الاستفادة من هذه العطلة الصيفية في تنمية مهارات ابناءهم واشغالهم باعمال او انشطة او نوادي صيفية بدل من الجلوس بالمنازل ، بدون تحقيق اية مكتسبات تذكر وخاصة ان هذه العطلة تكون لفترة اكثر من شهرين .
وتعتبر العطل الصيفية في مجتمعاتنا من الأزمنة الخصبة، التي تنقل الطلاب والشباب من هموم الدراسة والمذاكرة، إلى الترويح عن النفس وممارسة الأعمال والأنشطة التطوعية والرياضية والفنية وما شابه ذلك. التي لم تكن ممارستها سانحة بما فيه الكفاية في أوقات الدراسة والتحصيل العلمي ،فالعطل الصيفية من الفرص السانحة على المستوى النفسي والزمني، الذي يستطيع فيها الشباب أن يستثمـرها في إنضاج خبراته، وبلورة كفاءاته، واكتساب المهارات الجديدة.
من هنا ونحن في بداية هذا الموسم، من الأهمية بمكان أن نتساءل عن كيف نستفيد من هذا الموسم، وما هي البرامج المقترحة التي تملئ فراغنا. وقبل الإجابة على هذا السؤال، من الضروري بيان أن الفراغ من العوامل الأساسية للانحراف وبروز بعض المظاهر السيئة في الوسط الاجتماعي ، لذلك ينبغي أن تتكاتف كل الجهود من أجل استيعاب الشباب والطلبة في العطلة الصيفية في برامج ترفيهية وتأهيلية، تنهي حالة الفراغ وتساهم في تنمية مواهبهم وصقل إمكاناتهم وإنضاج مقاصدهم.
وإننا إذا لم نتمكن من ملئ هذا الفراغ، فإن الكثير من الظواهر السيئة ستبرز في الوسط الاجتماعي، مما يهدد مفهوم الأمن الاجتماعي بأسره ،والعطل الصيفية من المحطات الضرورية التي ينبغي أن يقف عندها الإنسان، لكي يراجع مسيرته، ويقوّم تجربته. لهذا فإننا نهيب بشبابنا وندعوهم إلى الاستفادة من هذه العطلة الصيفية في تقويم مسيرتهم التعليمية والاجتماعية والسلوكية، لكي يتقدم الشاب في حياته، ويستفيد من أخطاءه وعثراته، ويستوعب العبر والدروس من تجارب ماضيه.
فالشاب الذي لم تساعده ظروف الدراسة للعناية بالجانب الفكري والثقافي في شخصيته، سيجد في هذه العطلة وأمثالها الفرصة المناسبة للعناية بحقل الفكر والثقافة. والشاب الذي يرى أن ما ينقصه، هو مجموعة من المهارات الفنية والحرفية، بإمكانه أيضا أن يستفيد من هذه العطلة في اكتساب هذه المهارات.وهكذا تصبح العطلة الصيفية فرصة سانحة، تتوفر فيها جميع الظروف الموضوعية المساعدة للشباب للعمل على إنهاء نواقصه وسد ثغراته، عبر البرامج المتعددة التي تؤهله لذلك.
فالشاب الذي يعشق الرياضة، أو يهوى بعض الأنشطة الفنية، ينبغي له أن يمارس هذه الهوايات، ويبحث عن المجموعات البشرية التي تشترك معه في ممارسة هذه الهوايات.وفي هذا الإطار يعتبر نمط الرحلات الجماعية مع الأقارب والأصدقاء من المناسبات الجيدة، لممارسة الهوايات في أجواء وأماكن مناسبة لذلك.
من هنا فإننا نقول: أن العطل الصيفية من المواسم المهمة التي ينبغي أن يستثمرها الإنسان في توفير متطلبات النجاح والتفوق. ونرى أن من الضروري أن تتحمل المؤسسات الرسمية والأهلية مسئولياتها في هذا الصدد. فللمدارس ومؤسسات العلم المختلفة، ينبغي أن يكون لها بعض البرامج الصيفية التي تجذب وتستقطب العديد من الشباب الذين سيجدون في هذه البرامج القدرة على تأهيلهم وتنمية مواهبهم.
كما أن الأندية بحاجة أن تقوم ببعض البرامج الصيفية الرياضية والترفيهية والثقافية، وذلك من أجل التأهيل النفسي والاجتماعي للكثير من الطاقات الشابة. ولا بد أن ندرك في هذا المجال: أن الأندية من المؤسسات الهامة، التي تمتلك بنية تحتية مناسبة للقيام بهذه الأنشطة الكفيلة باستيعاب الشباب في برامج متنوعة. فلتسعى كل أنديتنا إلى القيام ببعض البرامج الصيفية المناسبة.
ومن الضروري أيضا تشجيع المؤسسات الأهلية، على القيام ببعض البرامج والأنشطة الصيفية التي تستوعب مجموعة من الطلبة وذلك لتأهيلهم وتنمية مواهبهم. فالاستفادة من العطلة الصيفية، بحاجة إلى تكاتف كل الجهود، لذلك فإن تشجيع المؤسسات الأهلية مهما كان اختصاصها، على الانخراط في مشروع صيفي سواء لأسر الموظفين أو للجميع سيساهم في امتصاص الكثير من الطاقات الشابة في المجتمع.
وللأسرة أيضا دور في هذا المجال، فلتسعى كل أسرة إلى التفكير العميق في طرق الاستفادة من العطلة الصيفية على المستويات كافة، ولذا نرى أن موسم العطلة الصيفية، بحاجة إلى مشروع وطني شامل ومتكامل، تشترك في تشييده المؤسسات الرسمية والأهلية، ويأخذ على عاتقه استيعاب كل الطاقات «ذكورا وإناثا» في مشاريع وبرامج تأهيلية وترفيهية، تأخذ بعين الاعتبار كل الخصوصيات والحاجات. وإننا نرى أن هذا المشروع الوطني المأمول، يساهم بشكل نوعي في تطوير الكفاءات الوطنية، وامتصاص بعض الظواهر السيئة، وإنجاز مفهوم الأمن الاجتماعي.
bsakarneh@yahoo.com