مؤتمر ترشيد استهلاك الطاقة .. أولا
د. محمد أحمد الكركي
23-06-2013 01:26 AM
بمبادرة كريمة مشكورة من جمعية الاعمال الاردنية الاوروبية وبالتعاون مع سفارة الاتحاد الاوروبي، عقد في عمان خلال يومي السابع عشر والثامن عشر من هذا الشهر في فندق الميريديان مؤتمر ترشيد استهلاك الطاقة أولا برعاية دولة رئيس الوزراء، وحضور رسمي رفيع المستوى، حيث افتتح المؤتمر من قبل معالي وزير الصناعة والتجارة، ممثلا عن رئيس الوزراء. ولكون الموضوع معني بالطاقة، فقد شاركنا فيه ممثلين عن الجمعية الاردنية للطاقة المتجددة. ولاهمية الموضوع، فقد لقي اهتماما كبيرا من قبل الفعاليات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني الاردني، حيث اكتضت قاعات المؤتمر على مدى يومين متتاليين بالمهتمين من مواطنيين ممثلين لبعض المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والصحافة ووسائل الاعلام.
بتقديرنا لم يحشد لاي مؤتمر أخر مثلما حشد لهذا المؤتمر من مشاركين وحضور، حيث يمكن أن يعزى السبب في ذلك الى اهتمام المعنيين بهذا الشأن في ضوء موجات الرفع في فواتير الطاقة التي شهدتها المملكة، ويتوقع أن تشهدها مستقبلا. فموضوع الطاقة مهم جدا ولا يمكن لاي منا التغاضي عن أهميته.
ممثلو الفعاليات التي حضرت وجلست على الطاولة الرئيسية من مقاولين ومستشفيات خاصة وصناعيين وسياحيين وجهات رسمية أدلوا جميعا بدلوهم في هذا المضمار. وأظهروا نيتهم ترشيد الاستهلاك، دونما ضرر في جودة خدماتهم المقدمة أصلا. فعلى سبيل المثال نجد أن رئيس جمعيىة المستشفيات الخاصة الدكتور فوزي الحموري يؤكد أن المستشفيات الخاصة تأخذ في الاعتبار وضع الطاقة في المملكة وضرورات ترشيد الاستهلاك بمحمل الجد، لكن ليس على حساب جودة الخدمة المقدمة. فالمريض في غرفة العمليات كما أشير في بعض فعاليات المؤتمر يحتاج الى ما يقارب من 50,000 وات لا يمكن خفضها، لكن لا بد لنا جميعا من الانتباه الى بعض اللمارسات الخاطئة في تعاملنا مع الطاقة وتصحيح مسارها، فدرجة الحرارة التي نستخدمها في التكييف والتي تصل الى 18-19 درجة مئوية ضارة بالجسم والصحة العامة، حيث لا بد وأن لا تقل عن 24 درجة مئوية، لتتناسب ودرجة حرارة الجسم، بمعنى أن هناك ممارسات خاطئة في تعاملنا مع موضوع الطاقة ويجب أخذه في الاعتبار في برامج التوعية.
كما أن ممثلو الفعاليات الصناعية والسياحية يؤكدون على أن في استيرادنا لنيجرات الحمامات بسعة 6 لتر خطأ كبير، حيث أن في ذلك هدر للمياه والطاقة الذين نعاني من شحهما. كذلك الحال بالنسبة لارتفاع كلفة السياحة الداخلية، نجد أن ممثلو السياحة يؤكدون أن غرفة النزيل في معظم الاحيان تكلف الفندق ما يزيد على 30 دينار طاقة يوميا، مما يستدعي رفع سعر الغرفة.
أمور كثيرة طرحت في هذا المؤتمر وجميعها مهم وذو معنى، كونها تصدر من خبراء مزاولين لمهنتهم بحكم وجودهم في الميدان وعلى أرض الواقع. وحيث أن موضوع الطاقة يحظى بالاهتمام الكبير حاليا منا جميعا، في ضوء ما نتسورده من مدخلات الطاقة (أكثر من 95% من احتياجات المملكة)، فلا بد من اهتمام الباحثين بهذا الموضوع خصوصا فيما يخص اقتصاديات الطاقة. فطروحات معالي الدكتور جواد العناني رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي جديرة بالاهتمام والتقدير. حيث لا بد من دراسة جدوى انشاء مول خاص بمستلزمات الطاقة البديلة منخفظة الكلفة، كما أن هناك ضرورات لوجود من يهتم بموضوع تدقيق الطاقة...
الموضوع برمته بحاجة لدراسات متعمقة تحفظ ما هو متاح من موارد، وتحفز على استخدام الطاقة البديلة وتشجع على الابنية الخضراء، والاستفادة ما أمكن من الوضع المناخي لبلد تغطي الشمس معظم أجزائه على مدى ما يزيد عل 300 يوم في السنة.
ونقول أخيرا، بوركت جهود جمعية الاعمال الاردنية الاوروبية وسفارة الاتحاد الاوروبي، ممثلة بسعادة السفيرة، ولكل الفعاليات التي أدلت بدلوها في هذا المؤتمر المفيد جدا كل الشكر والعرفان، على أمل وصول التوصيات الى واقع ملموس وعدم بقائها مثل سابقاتها من توصيات المؤتمرات المشابهة على أرفف خزائن المسؤولين، لكي يكون الجهد في هذه المؤتمرات مضاعفا وموضع ترحيب وتقدير واحترام ومشاركة فاعلة من جميع المشاركين مستقبلا.
رعى الله الاردن سدا منيعاً أمام محاولات الأعداء والمتربصين، وحمى قيادته وشعبه من كل مكروه.
maskaraki@yahoo.com