حابس المجالي .. فروسية الحُب والحرب
03-01-2008 02:00 AM
تقول الاسطورة اليونانية القديمة «ان الذين يُجيدون العشق هم الفرسان فقط»..نستذكر هذه الحكمة ، قبل ان نُشرع بالحديث عن فارس مقدام وعاشق نبيل ، كتب في سفر الوطن ، ابجديات التضحية والفداء ، الممزوجة بفروسية الهوى والقصيدة ، حيث استطاع المشير الركن المرحوم حابس المجالي ، ان يضع الحكمة والكلمة في قالب جميل ، قادمة من اصالة تربى عليها في مضارب والده شيخ المشايخ رفيفان المجالي ، عندما كان الصفاء الذي يسكن في نفس «حابس» الطاهرة ، يعكس صورة شاعر غذاؤه الجمال ، وانهمار اللحن في جسد القصيدة ، ليوجز حكاية شهامة وحب عتيق ، بمفردات نقية ، وببلاغة شاعر تستهويه المروءة وتستعذبه الرقة ، وتموج في داخله قيم نبيلة.
كذلك فإن «الباشا» أثرى الموروث الشعبي هنا ، بكم هائل من الاشعار العذبة المغناة ، ولا تزال عالقة في الغناء الشعبي القشيب :
باللّه.. يا نجم يا وضاح
واشرف على إحبيّب القلب وقل له
ترى.. وليفك سهران
ما ينام الليل كله..
اما ربع «الكفافي الحُمر» ، فقد كانوا حصة العشق الابدي للباشا الشاعر ، حين ابلغ الجنود وزف البشرى إليهم ، بأن النشميات لا يعشقن الجبناء ، ولا تعلو زغاريدهن الا عندما يزغرد الرصاص في بواريد الجيش العربي :
إتخسا يا كوبان ، ما إنتَّ ولف إللّي
ولفي شاري الموت ، لابس عسكري
يزها بثوب العز ، واقف معتلي
بعيون صقرْ ، للقنص متحضري
وهذا صوت «حابس» يعطر المكان ، حيا في كتائب الجيش العربي وألويته المظفرة والدماء الزكية منذورة للدفاع عن «القدس» ابوابها وأسوارها ، يدحرون قطعان جيش الاحتلال الصهيوني ، وحداءهم يشق عنان السماء ، مرددين اهازيج «الباشا» ، التي تحثهم على الجهاد والشهادة والاستبسال:
راكبْ إللي فوقها رقم الكتيبة
مع طريق القدس جّنكْ ساحبات
فوقها الرشاش والمدفع جنيبه
تصّلى «اليهود» بضرب الفكرزات.
وبالطبع كان المشير المجالي ، موضع محبة الملك المؤسس عبدالله الاول بن الحسين «طيب اللّه ثراه» ، الذي قدم فرسا شقراء جميلة اسمها «حمامة» ، هدية كريمة الى ذلك الفارس اليافع حابس ارفيفان المجالي ، الذي نظم قصيدة شكر من خلالها الملك المؤسس «مُهدي هذه الفرس» ، ويذكر محاسنها الاصيلة:ھ
اذن.. تلك قطوف دانية ، وأزهار لها شذى الرقة والتجلي ، اقتطفناها من اشعار طيب الذكر والذكرى «ابي سطام» ، ولعلها فرصة نذكر من خلالها رفاق ومحبي وأقارب فقيد الجيش والوطن حابس المجالي ، بالعمل على جمع اشعاره في ديوان فروسية «الحب والحروب» ، دون ان نسجل عتبنا الشديد على عدم قيام اية مبادرة لانشاء متحف مصغر يضم مقتنيات وأوسمة ومؤلفات الفقيد الكبير الذي كتب في سفر الوطن صفحات من التضحية والانتماء والفداء.
kreshan53@yahoo.com