احتفل العالم بعام جديد , مطلقا ألعابه النارية ومرنما أغانيه ومستبشرا بخير لم يحمله العام المنصرم , وأنا أيضا أحتفل مع المحتفلين , وأتجاهل أن الحكومة السابقة وعدت الموظفين بزيادة رواتبهم , بعد أن رفعت الاسعار , فأنا مواطن أردني بدون راتب , فلماذا أهتم بالزيادات ؟ ولماذا أصلا اهتم بارتفاع الاسعار ؟؟ ذلك أن معظم السلع التي شاطت أثمانها لم تكن في برامج مشترياتي . صحيح أن ارتفاع اسعار السولار مزعج , لكن الاستعمال الوحيد لهذه المادة عندي هو السيارة , والزيادة هنا مقدور عليها , كل ما تتطلبه هو رفع الاجور التي أتقاضاها من المنتفعين بخدمات سيارتي , أما التدفئة المركزية التي تحتاج للسولار لتحافظ على درجة حرارة المنزل عند الدرجه 21 الصحية لجميع أفراد الاسره , فهي حلم لم أسمح له بمراودتي , كنت سابقا أكتفي بصوبة كاز , وأضطر لترك الباب مفتوحا كيلا نختنق , رغم أن ذلك لم يكن يسمح لها بالوصول بدرجة حرارة الغرفة – وليس المنزل – إلى الدرجه 21 , حاليا نغلق الباب بالكامل ولا نخشى الاختناق , لاننا لم نعد نلجأ إلى ترف الصوبه .
ما يزعج فعلا هو أن ارتفاع أسعار المحروقات تجاوز إلى كل السلع الضرورية وغير الضروريه , والإزعاج هنا يتأتى من عدم القدرة على مقاطعة كل ما هو معروض في الاسواق , فنحن غير قادرين على مقاطعة العدس , باعتباره أحد بدائل الصوبه , وليس بمقدورنا نسيان الخبز , لانه المكون الاساسي والوحيد على المائده ,
( حلوه حكاية المائده ) , طبعا المقصود هو الجريدة التي نفردها على الارض احتراما لما عليها من نعمة الله , كما أن الشاي مصدر أساسي لتليين اللقمة , وليس المقصود هنا الشاي على الطريقة الانجليزيه في الموعد المحدد لتعديل المزاج .
أذكر هنا طرفة جاء أوان سردها على الناس , وهي تحكي عن مجموعة من الحصادين , جاء موعد تناولهم الغداء , فأوقدوا نارا نصبوا عليها إبريقهم بما فيه من ماء وسكر , وحين بحثوا عن الشاي لاضافته لم يجدوا منه شيئا , تململوا قليلا , حتى جاء صوت عجوز منهم يسأل , وهل يجب ان يكون لون الشاي احمر , يكفي أنه ماء ساخن حلو المذاق وقادر على تليين لقمة الخبز , وأجدني مفعما بالتساؤل , هل يجب أن يكون لون الشاي احمر ؟
طبعا سمعت مثل غيري بالتوجه الحكومي لإعفاء عدد من السلع الأساسية من الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات, بهدف يتمثل بالمساهمة في تخفيف الأعباء المالية ويخفض قيمة الفاتورة الشرائية للأسرة الأردنية هذا إن كانت هناك فاتورة شرائية أصلا. وأدهشني أن البعض رحب بذلك على اعتبار أن الاعفاء سيعني الانفاق في مجالات أخرى حيوية والسؤال المشروع هنا, هل هناك ما هو اكثر حيوية من رغيف الخبز وكيلو العدس و"قنينة الكاز" .
المهم , ولعله يظن ان ذلك يكفي , أن هناك من يسعى لبث الطمانينة في نفوسنا معلنا بأن كافة المواد الغذائية متوفرة في الأسواق ومستودعات التجار ولمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ويدعونا إلى عدم التهافت على شراء المواد الأساسية وتخزينها ,متخيلا اننا نتهافت , وعلى اعتبار أن تحرير أسعار المحروقات ( الاسم الحركي لرفع اسعار المحروقات ) لن يكون له انعكاس على أسعار المواد الغذائية المستوردة لان ارتفاع الأسعار بما في ذلك البندوره والبصل والذي طال السلع في الفترة الماضية مرتبط بعوامل خارجية. ولا علاقة للوضع الاقتصادي المحلي بذلك , وكفى الله المؤمنين شر القتال .
على كل حال , نتمنى سنة حلوة وممتعة لكل الاردنيين .
hmubaydeen@yahoo.com