برهنت التجارب التراكمية، التي مر بها الوطن على مدار العامين الماضيين، فشل سياسة الأمن الناعم، وعجزها في التعاطي مع الحالة الوطنية، بعد ان حسب البعض ان هناك ضعفاً يعتري مؤسسات الدولة ما شكل حالة من الوهم لدى هؤلاء بأن الدولة في اضعف حالاتها، وبدأوا مسلسل المهاترات والتجاوزات على اكثر من صعيد، في اسلوب لا يُنبئ إلاّ بانانية مفرطة، واستغلال بشع لاجواء الانفتاح والتسامح التي وفرتها الدولة بمرونة وحكمة.
التحديات التي يمر بها الوطن كبيرة، وتستدعي تضافر الجهود الوطنية الخالية من أي شوائب قد تعكر نقاء امننا واستقرارنا، ليكون الهدف منها المراكمة على ما تم انجازه وبخاصة على صعيد المحطات الاصلاحية المتصلة بالجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تكون نواة ومنطلقاً لبناء مشروعنا الحضاري، الذي يؤسس لحياة كريمة تليق بمكانة الأردني.
لا اختلاف على حرية الرأي والتعبير، لكن ضمن قواعد واصول اللعبة الديمقراطية التي تراعي الخصوصيات، وتجنّب الافراد النيل من كراماتهم، والمسَّ بها، بعد ان لاحظنا في الآونة الأخيرة حجم التمادي في الشعارات وارتفاع منسوبها الى مستوى غير مقبول ولا مسؤول لفرض واقع غوغائي، يبعد الدولة عن مسارها الاصلاحي الذي توافقت عليه الارادتان الشعبية والرسمية.
غياب القانون يؤدي الى الفوضى، والحل يكمن في سيادته على الجميع دون استثناء او محاباة او انتقائية، فالجميع سواسية، وتطبيقه واجب على الدولة لحماية امن مواطنيها ليقف القانون سداً منيعاً في وجه كل من تسول له نفسه القفز على اسواره الحصينة.
التظاهر حق كفله الدستور وتكمن فلسفته في اتاحة المجال لأي متظاهر في التعبير عن رأيه بسلمية تجاه أي قضية وطنية أو الاعتراض على سياسات حكومية بعينها هدفها التصويب لا نشر الفوضى والاشاعات التي تعكس، في جملة ما تعكس، خروجاً واضحاً عن النهج الديمقراطي بسبب تحول هذه التظاهرات بفعل فاعل الى بؤر يستعرض فيها المتحذلقون مهاراتهم الخطابية بعبارات تخلو من أي مضمون، اضف الى ذلك مظاهر العنف العبثية التي تأخذ أشكالاً متعددة إما من خلال قطع طريق أو اعتداء على مؤسسات وطنية أو تطاول على حقوق الآخرين ، وأخيراً نقل عدوى العنف الى جامعاتنا التي هي بالأصل عنوان حضاري لأي مجتمع يرنو الى التقدم والرفعة.
المشهد العام يستدعي دق ناقوس الخطر والوقوف على الاسباب الحقيقية وراء انتشار هذه الممارسات العشوائية التي، إن لم تعالج من جذورها، فستدخلنا أزمة حقيقية تقتضي المهارة وقف أسبابها لتجنب وقوعها.
عنوان الحل يكمن في تطبيق القانون وسيادته على الجميع ومن ثم يجري البحث عن حلول للعناوين الاخرى ذات الصلة بالتوزيع العادل لمكتسبات التنمية ومعالجة ملفات الفقر والبطالة وترسيخ الحاكمية الرشيدة والعدالة التي تندرج جميعها تحت مظلة سيادة القانون.
eyadwq@yahoo.com
"الرأي"