طريق القاهرة مغلقة باتجاه دمشق ومفتوحة باتجاهات أخرى
جهاد المنسي
19-06-2013 03:37 AM
اختار الرئيس المصري محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين المصرية، ستاد القاهرة مكانا لتجميع مشايخ والخطابة بهم، وحث المصريين على الجهاد في سورية.. نعم في سورية، وليس في مكان آخر، كإسرائيل مثلا.
لم يكتفِ مرسي بذلك، وإنما أعلن من منبر ستاد القاهرة قطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق الفيحاء، والقول إن الشعب المصري، والجيش المصري، لن يتركا الشعب السوري وحده.
وفي التعليق على هذا الأمر، أعجبني الصحفي والإعلامي المصري صلاح عيسى في إطلالة إعلامية قبل أيام، عندما سأل الرئيس المصري عن كيفية قيام الجيش المصري بنصرة الشعب السوري، وإن كان ذلك سيتم عبر التدخل العسكري مثلا، أم عبر أشكال أخرى. وتابع عيسى سؤاله للرئيس الإخواني بالقول: هل استشرت المؤسسة العسكرية بذلك قبل أن تأخذك الحماسة في ستاد القاهرة، وتحضر عندك شهية التهديف، وتحاول تسجيل أكثر من هدف، بدون أن تشاور؟
وخلص عيسى إلى القول بأن مرسي عندما أعلن عن قطع العلاقلات مع دمشق، وعرّج على موضوع الجيش، كان قراره متسرعا ومرتجلا ابن لحظته، ولم يستشر فيه الحكومة أو الجيش، فيما لم يستبعد عيسى أن يكون قد استشار مرجعيته الأعلى، ويقصد بذلك المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.
وحتى لا ننسى ونحن نعرج على ذكر الجماعة، فعلينا أن نتذكر بأن أشخاصا كانوا في الجماعة المصرية عينها وحملوا فكرها وتفكيرها، كان لهم دور كبير في نشر الفكر المتشدد الذي شوهوا من خلاله صورة الإسلام السمح. وهؤلاء أنفسهم كان لهم دور في قيام "القاعدة" ومن على شاكلتها؛ وكان لهم دور في تفجير المزارات والمساجد والمدارس والأسواق والمستشفيات وبيوت العزاء في بغداد، وكذلك فعلوا في أفراح وفنادق عمان.
وبعيدا عن محاولات مرسي الحثيثة في تقليد الزعيم الخالد جمال عبدالناصر في الخطابة - وأنّى له ذلك- ومحاولاته حشد المؤيدين في تجمعات كبيرة شبيهة بالتجمعات التي يخطب فيها الرئيس الخالد في خمسينيات القرن المنصرم، فإنه من واجبنا أن نُذكّر الرجل بأن عبدالناصر كان يخطب بالألوف في ميدان الخطابة، ويستمع له الملايين عبر الإذاعات في كل العالم العربي، فهل وصل مرسي إلى ذلك؟ لا أعتقد أنه سيصل له يوما.
وحتى نعرف أكثر أن عبد الناصر عندما كان يخطب لم يكن علم إسرائيل يرفرف قريبا من رأسه في القاهرة، ولم يكن الغاز المصري يتدفق لإسرائيل بانسيابية، ولم تكن أثيوبيا تستطيع أن تعلن عن بناء سد على النيل بدون أن تقدم ضمانات لمصر حول انسيابية المياه إليها.
مات الزعيم.. ولن يستطيع أي شخص آخر أن يحل مكانه، حتى ولو حاول مرات ومرات، وحشد المؤيدين في الملاعب.
عجبا للزمان، القاهرة تقطع علاقاتها بدمشق، وتبقيها مع تل ابيب؛ تقنن الغاز على الأردن، وتسهل انسيابه لإسرائيل المغتصبة لفلسطين. ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن من واجبنا أن نتذكر أنه عندما كان الرئيس المصري السابق حسني مبارك في سدة الرئاسة، كان "الإخوان" يخرجون في مظاهرات يطالبون فيها بقطع العلاقات مع إسرائيل، وكان شعارهم اليومي تحرير فلسطين. وعندما جلسوا على سدة الرئاسة، بات بيريز "صديقا حميما"، وسقطت كلمة تحرير فلسطين من قاموسهم، واستعانوا بدلا من ذلك بمشايخ يفتون ويتلفظون بالشكل الذي يؤيده السلطان أو الحاكم، ولديهم القدرة على قلب الحقائق وبث بذور الفتنة والفرقة بين أبناء الجسد الواحد.
فهؤلاء الذي لبسوا عمائم الدين وهم عن الدين أبعد، يريدون تقسيم عالمنا العربي إلى مذاهب، وشيع، وقبائل، حتى يؤمّنوا لأنفسهم مكانا دائما فيه. وهم بذلك كما قنوات الفتنة التي تنطق باسمهم، وكما كتّاب الفتنة الذين ينظرون لإسرائيل كصديق حميم، ولسورية العروبة كعدو شرس، يلعنون حزب الله يوميا لأنه أسقط القناع الذي كانوا يضعونه على وجودهم، وكشف حقيقتهم العارية.
jihad.mansi@alghad.jo
الغد