الفتنة هي أشد من القتل وأكثر وبالا على الأمة. يعيدنا مشايخ السلاطين الآن إلى مناخات صِفِّين والجَمَل وتبعاتهما السحيقهة، فإذا فَسَق الإمام فسدت ضمائر الناس وضعف إيمانهم وأصبحوا أمة ممزقة، وجماعات مبعثرة متناحرة متفرقة؟
أي جهاد هذا الذي يدعو له القرضاوي والعريفي ومشايخ السلاطين ، أي جهاد هذا والمسجد الأقصى سينهار ، والقبة الصخرة ستزال ، وسيرقص الجندي الإسرائيلي مخمورا في ساحات القيامة ومسجد عمر ؟! أي جهاد هذا الذي يقوم به حسن نصرالله وبأمر سياسي ليقتل ويبشع بالرجال والنساء والأطفال ؟ وأي لِحًا تلك التي شابت على التآمر والزج بالدين في وادٍ سحيق، فيه الظلمة وفيه السواد العظيم .
نقتلع علم سورية من أرض الكنانة ، ونفرغه في الجامعة العربية ، ونجعل من سورية عدوًا وشيطانًا أكبر نتعاضد عليها ونخطط ضدها ونتآمر على مقدراتها، فأي انتصار هذا لشعب دمرنا مقوماته، وأي إنقاذ لشعب أنهينا مستقبله ، وأية فزعة هذه لشعب تبددت أحلامه وكسرنا مجاديفه وحطمنا إنجازاته ؟!. ولنسأل مشايخنا الذين يعتبرون جهدهم جهادًا وتضحية ، لمن تجاهدون وضد من ، وهل من مصلحة الشعب السوري تأجيج الفتنة ، وخلق الضغينة الطائفية ، وتحليل سفك الدماء ، واللعب على وتر الدين ، وهل من الدين نصرة مسلم على مسلم لَم يرتد ولَم يكفر ولَم يُساوم ، وهل من الدين التعنصر وبيدنا ألف مفتاح للحل والتجميع لا التفريق .
مشايخنا الأفاضل ، كفانا تلاعبًا بالدين، وكفانا استغلالا لشرع الله وتجييره لأوامر السلاطين ودافعي الدولارات ، ألم تقرأوا قوله تعالى :" كبر مقتا عندالله ان تقولوا مالا تفعلون"، ألم تدركوا أن الإسلام يجمع ولا يفرق. جهلاء السياسة الرابضون على بلاط الزعماء من شيوخ وأبواق ، يمارسون دورا خبيثا أساسه بعثرة الأمة وتمزيق بنيتها ، فأصعب آفة يمكن أن تنهي الأمة هي الحرب الطائفية والعقائدية التي تنخر الجسد وتنهكه وتشله ، وهي لعبة صهيونية معروفة وهدف استراتيجي لاقامة الدولة اليهودية وتمكينها من خيبر والمدينة واقامة الحلم القديم ؟
القضية ليست محصورة برجال دين لبسوا العمامات وتحدثوا باسم الدين فالذي يبيع عدالة دينه ومصلحة المسلمين مقابل إغراء الدولار وإرضاء لسياسة الحكام فهو مرتد بكل المذاهب فزرع الفتن والدفاع عن الباطل محرم بالشرائع والمذاهب ومن سعى لذلك خرج على القرآن والسنة الشريفة وإجماع المسلمين.
فقيهنا القرضاوي ، والعريفي ومن تبعهما من رجال دين لم يكونوا منصفين عندما احلوا الجهاد في سورية ودعوا اليه ، ولم يكونوا اسلاميين عندما حثوا على قتل الجنود السوريين ، فالمخطط الدولي لا يفرق بين سوري وسوري لان الهدف الاعظم هو سورية كدولة وكيان . السياسة شيء والحق والعدل شيء آخر ولا بد لنا من الحق فهو مفتاح العدل وبداية الصواب.
فتاوى المشايخ ضربت الدين في عموده الفقاري وبدأت تشكك في حقيقة الفلسفة الدينية كعنصر جامع وموحد وكمرجعية تقوي ولا تفرق ، ؟ سورية واهل سورية ليسوا اعداء الأمة رغم بشاعة الواقع السوري الذي لا يخولنا لتخوين طرف على طرف . كلنا خاسرون ، وكلنا مذنبون فمصيبة سورية هي مصيبة كل بيت عربي وإسلامي ، فلقد وقعنا في المؤامره ونفذنا أدوارنا صاغرين مهانين لا نرفع فيها رؤوسنا ، فنحن نعرف ان المصالح الدولية ولعبة الأمم تريدنا اتباع لا أسياد أنفسنا ، كنتونات مبعثرة ومشرذمة ومجزأة لا حول لنا ولا قوة .
فرية حسن نصر الله الدينية وتبعتها السياسية انكشفت والنموذج التفاؤلي السامي فوق كل التناقضات في لبنان الذي رسمناه كمقاومة صادقة موجه للاحتلال تعرى وتلاشى خاصة ان البطولات السياسية الجديدة تجلت في الفزعة العقائديه المقيتة التي قتلت المسلم على يد المسلم. فهذه المراجل وهذا الحشد أولى أن يكون ضد المحتل الغاصب القاتل المتغطرس المدنس لشرف عروبتنا ولأقدس مقدساتنا ، ، فساحات المسجد الأقصى والخليل ونابلس وغزة هاشم هي الأجدر بحرقة المسلمين ومشايخهم ، وشيخ مصر المنتخب الاسلامي و زعيم اكبر دولة ذات تأثير وولايه ، . . فسحب القائم بالأعمال هو تخلٍ عن المسؤولية، وطرد السفير السوري هو التنازل عن سورية كدولة عربية ، فما هذا المنطق المتناقض.!!! احذروا الفتنة فإنها بغيضة ومؤداها جهنم وبئس المصير، فاحذروها يا مشايخ السياسة . .
Ad_alzoubi@alarabalyawm.net
العرب اليوم