هل فات أوان مناقشة موازنة 2013
د . خالد الوزني
17-06-2013 03:27 AM
بدأ مجلس النواب منذ الأسبوع الماضي مناقشة مشروع القانون المؤقت لموازنة الدولة للعام 2013. ويعتقد بعضهم أن مناقشة الموازنة بعد مضي ما يقرب من نصف العام على تنفيذها وفق قانون مؤقت هو مضيعة للوقت، وأنه قد يكون من المناسب إقرارها كما هي، والانتقال إلى أمور أخرى ينجزها المجلس قبل فض دورته الحالية في بداية شهر آب.
ولعلني أختلف في هذا الطرح لقناعتي أولا أن مناقشة الموازنة مهما مضى من تنفيذها هو أمر دستوري وجب القيام به على أفضل وجه احتراما للفصل الثامن من الدستور، وانسجاما مع الدور الدستوري الذي يجب أن يلعبه مجلس الأمة وفقا لما جاء في المادة 112 من الدستور.
ناهيك من أن النصف الثاني من العام لم يبدأ بعد، وأن أي تعديل مناسب لبند النفقات، إذا ما تم، من الأهمية بمكان في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد والتي تستدعي ضبط أشكال النفقات الحكومية كافة، وإيجاد سبل لتخفيف العبء عن المواطن الذي سيتحمل في النهاية تبعات ونتائج إقرار الموازنة بعجزها وديونها ونفقاتها وإيراداتها الضريبية.
ولعل تناول بعض الأرقام يساعد على فهم أهمية مناقشة الموازنة اليوم رغم مضي نصف العام الحالي. فمثلا تجميد زيادة النفقات الجارية للوحدات الحكومية، المؤسسات المستقلة، للستة أشهر الباقية من العام سيوفر على الموازنة العامة للدولة مبلغا يصل إلى نحو 70 مليون دينار، وفي حال تجميد الزيادة الكلية في نفقات تلك الوحدات فإن المبلغ يصبح 173 مليون دينار عن الفترة الباقية من العام.
كما أن ربط تنفيذ المشروعات الرأسمالية بموازنة متصلة بالمنحة الخليجية والمنح والمساعدات الخارجية متى تحققت سيوفر على الخزينة اقتراض ما يقرب 650 مليون دينار (نحو مليار دولار)، ذلك على افتراض أن الحكومة صرفت خلال الستة أشهر الأول نصف النفقات الرأسمالية البالغة مليارا و 246 مليون دينار تقريبا، فإن لم تفعل حتى الآن فإن الوفر في العجز والاقتراض سيصبح المبلغ المشار إليه كاملا.
وإذا أضيف إلى ذلك وبالنسق نفسه النفقات الرأسمالية للوحدات المستقلة عبر ربطها بالمنح والمساعدات والمنحة الخليجية فإن رقم التخفيض أو التخفيف على المديونية سيرتفع بمبلغ 370 مليون دينار أخرى عن نصف العام، وفي حال لم تقم تلك الوحدات بالبدء بصرف النفقات الرأسمالية فإن ذلك المبلغ سيصبح 742 مليون دينار.
المحصلة المبدئية لتلك الإجراءات عن نصف العام فقط هي توفير عجز ومديونية بمبلغ مليار ومائة مليون دينار صافية، تشكل نحو 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وما يقرب من 12 بالمئة من إجمالي النفقات العامة للدولة الأردنية. وهو تخفيض يتفق مع ما جاء في روح الفقرة 4 من المادة 112 من الدستور التي تُعطي الصلاحية لمجلس الأمة بتخفيض النفقات في الفصول المختلفة بحسب ما يراه المجلس موافقا للمصلحة العامة.
ولا أجد مصلحة عامة أكبر من تخفيف عبء العجز والمديونية عن كاهل المواطنين في هذه الأيام.
وفي النهاية، فلعل الجدية في مناقشة القانون المؤقت للموازنة للعام 2013 يُعطي نموذجا للحكومة، وهي تنوي خلال الشهور القليلة القادمة إعداد مشروع الموازنة القادمة لتكون أكثر واقعية في تقدير النفقات، وفي السعي نحو ترشيدها، بل وفي ربط بعضها بتحقق إيرادات معينة من قبيل المنح والمساعدات.
kwazani@alarabalyawm.net
العرب اليوم