الوضوح والشفافية والمباشرة في الخطاب السامي في مؤتة ليس مفاجئا ، ولكن التركيز وتناول المواضيع بتحليل عميق واستخدام الكلام المباشر هو الجديد ، خاصة فيما يتعلق بواجبات الملك التي اشار اليها للمرة الثانية في الخطاب السامي واشار جللته سابقا في اللقاء الحاشد في مضارب ال هاشم اواخر العام الماضي ، فاذا كان للملك واجبات نجاه شعبه يخبرنا به ، فهل علينا ان نسأل انفسنا عن واجباتنا تجاه جلالة الملك في وطن تتكامل فيه المؤسسية وتتطور في أجواء من الأمن والديمقراطية والانفتاح، علاوة عن محبتنا وولائنا .؟؟

وسؤال اخر اين نجد قائدا عربيا يتحدث للشعب عن واجباته ؟هذا سؤال نخرج به من هذا الخطاب ومن اشارة جلالته إلى أن الملكية على انها هي مسؤولية وقيادة تواكب عملية الإصلاح حين يقول جلالته : " وسيتطور دور الملكية بالتوازي مع إنجاز هذه المحطات الإصلاحية، وستركِّز على حماية قيم الديمقراطية، والتعددية، والـمشاركة السياسية، وحماية وحدة النسيج الاجتماعي، وتمكين المؤسسات الوطنية من تولي مسؤوليات صناعة القرار، ونحن مستمرون في تعميق هذا النهج، وسأبقى الضامن لمسيرة الإصلاح " .

ومن خلال مطالعاتنا ومواكبتنا للعديد من الشؤون العربية تحديدا نجد أن في خطاب مؤتة الجمع بين التحذير والتنبيه والتوجيه معا ، فرسالة الخطاب واضحة بالقول إن لا احد أقوى من الدولة ، وسياسة الدولة واضحة وثابتة إزاء الملف السوري ، وأيضا هناك التوضيح والتأكيد الجديد القديم أن لا حلا على حساب الأرض الاردنية مع الدعوة لوقف وهم الوطن البديل التي هي فكرة تعشش في نفوس الضعاف والمتربصين في هذا البلد.

لغة خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني جاءت قوية وعكست ثقة جلالته بجيشه ومؤسساته الأمنية وبشعبه ، وأظهرت قوة القيادة ذات القرار المستقل والسيادي ، وهذا هو نهج القيادة الهاشمية صاحبة الثورة العربية الكبرى التي صنعت وأوجدت إرادة الأمة وتحرير هذه الإرادة. وهي اليوم تقود ثورة أخلاقية تجاه أزمات المنطقة وثورة تدعو للقوة في مواجهة كل التحديات والأخطار الممكنة من حولنا ، وان الثقة بأنفسنا موجودة لمواجهة الأخطار واتخاذ الإجراءات السيادية الوطنية ضدها. ولا بد ان نقف مع التاريخ حين عشنا أسوأ مراحل الحياة والتحديات والأخطار خلال الخمسينات ، وخرجنا نحن الأقوى ، وعشنا لحظات الغزو والتآمر والفتنة في السبعين وخرجنا نحن الأقوى ، وعشنا لحظات الحصار والتضييق والخنق في التسعينات بفضل موقفنا المشرف إزاء غزو العراق وخرجنا بشرف لا زال البعض يتمنى طرفا من شرفنا الذي نتمتع به وقد خسروه ..

خطاب مؤتة هو مفكرة جيب يضعها كل اردني بين يديه باستمرار لتشكل له مرجعا بفهم معنى الحكم والحكمة في الأردن ، ومعنى لغة الكرامة في التصدي للأخطار ، ومفهوم السيادة الوطنية العميقة ومعنى التاريخ العريق من منطلق تحرير إرادة الأمة بفعل الثورة العربية الكبرى .

الخطاب السامي يجمع الأخطار معا ، ويجمع معها الفهم والإدراك لهذه الأخطار وما هي المعالجات الناجعة بشكيمة الأردنيين وقوتهم وبأسهم وثقتهم .

الخطاب رسالة وطنية لنفتح ملف المواطنة الحقيقية ،ونفتح صفحات التاريخ لنعيد القراءة بتمعن وفهم ، ودعوة للتطلع المستقبل بثقة والانتباه إلى الكلام الهراء والى تعب أهل العصايب وأصحاب الشعارات الذين أصبحنا نشفق عليهم وقد أتعبهم الصياح والصراخ وأضاعوا من الوقت ما كفى ,اجتازوا كل السقوف وما اخترقوا محبة قلب اردني لوطنه وقيادته ,وما استطاعوا لفت نظر احد اليهم فقد زال البريق المتوقع وخبا الكلام وراء الزيف والتهكم ومحاولات التطاول .

قراءة جديدة للموقف الرسمي الأردني وهو ذات الموقف الشعبي وذات النهج ومبعث القوة والثقة .. ولكن هل يمكن لنا ان نبحث عن قناديل الأمل والراحة والأمن والطمأنينة، التي نراها واضحة ... ونشتم رائحة المسك منها ..

وسنبقى أهل الوطن والثورة العربية والقيادة.. وأهل الأردن أصحاب الأخلاق والحرص على المصلحة الوطنية نعم نحن مع جلالة الملك قادرين على حماية وطننا والتصدي للشر أيا كان مصدره ؟؟؟؟؟