هيبة دولة أم هيبة مسؤولين
سلامه الدرعاوي
16-06-2013 03:59 AM
الحديث عن هيبة الدولة كان جزءا اساسيا من الحوار الاصلاحي الدائر بين مختلف الجهات خلال الفترة القليلة الماضية ، من حيث ضرورة اعادة الاعتبار لتلك الهيبة التي تزعزعت في نظر الكثير من افراد المجتمع .
في الحقيقة ان هيبة الدولة هي من هيبة المسؤولين على مختلف مستوياتهم ، والرابط بينهما هو سلوك وتصرفات المسؤولين في التعاطي مع ادارة الشان العام للبلاد ، والمعيار الاساسي لقياس هيبة الدولة هو القانون ومدى التزام رجالات الدولة في تحقيقه والالتزام به نصا وروحا.
في السنوات الاخيرة تمثلت نقاط الضعف والتشويه في جسم الدولة في عدة جوانب ، فالعنف الجامعي تصاعد لدرجة غير مسبوقة وغير مقبولة ، وتنامت بسبب حالة المرونة السلبية التي تعاطت بها ادارات الجامعات مع تلك الشواهد المخلة بالعملية التعليمية وتغاضيهم عن العقوبات المنصوص عليها بالقانون من جهة، ورضوخهم للضغوطات المختلفة من الجهة الاخرى.
الخروج على نظام الخدمة المدنية ، والتعيين بطرق غير شرعية في كثير من القطاعات ، وتنامي حالات التعيين العشوائي عبر صفقات بين الجهات الرسمية المتمثلة اساسا بالحكومة والنواب ، والذي كان على حساب الكفاءة والنزاهة التي يجب ان تكون اساس التعيين .
ازدياد فجوة غياب العدالة في توزيع مكتسبات التنمية على مختلف محافظات المملكة وتركيزها في كثير من فتراتها على العاصمة ، لا بل طال الامر دخول العاملين في القطاع العام ، فبتنا نشاهد موظفين بامتيازات ورواتب وحوافز تناهز القطاع الخاص ، وزملاء لهم في نفس المكان برواتب تقل كثيرا عن الفئة الاولى، وهو ما انعكس على روح التنافس بين الموظفين ، وولد حالة من الاحتقان والاستياء بين الموظفين خاصة الذي يعملون وفق نظام الخدمة المدنية بعيدا عن المؤسسات والهيئات الخاصة.
سلوك الكثير من المسؤولين وتنازلهم عن صلاحياتهم القانونية والرسمية ، وانحراف الاداء النيابي في بعض الفترات ، وتداخل عمل الكثير من المؤسسات ببعضها البعض ، ادى في النهاية الى بروز صراعات شخصية بين قيادات تلك المؤسسات ، وهو ما انعكس على الاداء العام ، وزاد من فجوة عدم الثقة من قبل المواطنين بتلك الهيئات الرسمية.
المظاهر السابقة وغيرها من المشاهد التي لا يمكن ذكرها ، مرتبط اساسا بسلوك مسؤوليها الذين تنازلوا عن صلاحياتهم القانونية ، وارتضوا لانفسهم التهاون في تطبيق القانون واحقاق الحق لاصحابه.
المواطن بحاجة لان يرى ويقتنع بان الحكومة تمارس صلاحياتها بكل استقلالية ، وهو دوما ما يؤكد عليه الملك في كتب التكليف السامي لكل الحكومات ، والمواطن شغوف لان يرى مجلس نواب يراقب ويشرع بكل شفافية ونزاهة ، نائب للوطن لا نائب منطقة انتخابية يحصر طلباته بتعيينات وطلبات خدمية لا تنتهي ، نائب يحمي القانون ويراقب تنفيذه لا ان يساعد على تجاوزه بطلبات وصفقات مشبوهة.
Salamah.darawi@gmail.com
الرأي