رويترز: تراجع شعبية اردوغان في الشارع العربي
14-06-2013 12:21 AM
عمون - رويترز - قبل عامين احتشد الناس في عواصم عربية لاستقبال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان انطلاقا من دعمه لانتفاضات الربيع العربي، وكانت تركيا وقتها تبدو عازمة على توسيع تجارتها ونفوذها في أنحاء المنطقة.
لكن قمعه لاحتجاجات في الداخل أثارت استياء بعض من كانوا يؤيدونه كمحرر قادم من أراضي الدولة العثمانية السابقة، وأصبحوا الآن لا يقدرونه ولا يرون فيه اختلافا عن الحكام المستبدين الذين أطاحوا بهم في دول عربية.
لكن ما زال اردوغان يحظى بإعجاب كثير من العرب وان تفتت شعبيته تماما مثل التحالفات السياسية التي أطاحت بالحكام في كل من مصر وتونس وليبيا، وانقسمت الى معسكرات متناحرة.
وفي ظل وجود إسلاميين في السلطة في دول عربية ما زال بإمكان الزعيم التركي أن يحظى باستقبال حار، حتى إذا توقف كتاب الصحف في الشرق الأوسط عن الحديث عنه "كنجم للروك" أو "ملك العرب".
ففي تونس مهد انتفاضات الربيع العربي استقبلت حكومتها الإسلامية اردوغان الأسبوع الماضي بينما كانت شرطة تركيا تخوض معارك مع المحتجين في شوارع اسطنبول، لكن لم يكن هناك الكثير من الحماس لدى التونسيين الذين استقبلوه عام 2011 باعتباره نموذجا للإسلام والديمقراطية والرخاء معا في سلة واحدة.
وقال هيكل الجبالي وهو سائق عربة مترو في العاصمة التونسية "أردوغان مجرد ظاهرة عابرة .. بعد أن تحدث كثيرا عن حقوق الإنسان فإن احداث تقسيم كشفت وجهه الحقيقي .. إنه منافق، لن يكون نموذجا لنا أبدا".
وفي القاهرة حيث يخشى ليبراليون من أن يفرض الرئيس الاسلامي محمد مرسي الشريعة، قال الناشط السياسي خالد داود إن معاداة اردوغان للعلمانيين في تركيا، واستخدامه للقوة في الشوارع، جعل الكثير من المصريين يغيرون رأيهم بعد أن كانوا يعتبرونه بطلا في ميدان التحرير عام 2011، عندما كان واحدا من أول زعماء العالم الإسلامي الذين طالبوا الرئيس السابق حسني مبارك بالتنحي.
وقال داود الذي شارك في احتجاجات هذا الأسبوع ضد سيطرة إسلاميين على وزارة الثقافة، "لم نعد نعتبره الإسلامي المعتدل الذي يريد الاستمرار في نموذج الديمقراطية الحالي ... الناس تعتبر اردوغان حاليا داعما للاخوان المسلمين"، ومضى يقول "هناك شعور بأننا نواجه محاولات مماثلة لإعادة النظام الاستبدادي باسم الدين سواء في مصر أو تونس وبالطبع يمكن أن نرى هذا في تركيا".
وبالنسبة لحمة الهمامي القيادي في الجبهة الشعبية وهو حزب علماني في تونس "اردوغان هو دكتاتور مثل (الرئيس السابق زين العابدين) بن علي .. هو لا يختلف كثيرا عن حكام تونس ومصر".
وقبل تسعة أشهر أظهر استطلاع من مؤسسة بيو أن اردوغان هو الزعيم الأكثر شعبية في العالم العربي متفوقا على العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، وما زال الكثير من العرب يوقرونه.
وفي بنغازي مهد الانتفاضة التي أطاحت بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي قال الطالب علي محمد (25 عاما) "من حق اردوغان أن يحاول وقف المظاهرات"، مضيفا "اقتصاد تركيا يتضرر.. السياحة تتأثر.. لذلك إذا شعرت الحكومة أنها في خطر فهذا من حقها".
بينما قال عادل الدريسي (27 عاما) وهو يعمل محاسبا "هذا خطأ" فهو يرى ان الاحتجاجات يمكن أن تكون إيذانا بنهاية حكم اردوغان، بينما تحدث المهندس أحمد موسى (31 عاما) عن إعجاب الليبيين بقصة النجاح الاقتصادي لتركيا في عهده، وقال "حقق اردوغان الكثير لتركيا ومن يطالبونه بالتنحي مجانين.. لماذا يريدون هذا؟".
وفي تونس أشاد منعم العيوني وهو ملتح بالطريقة التي خرج بها اردوغان عن التحالف التقليدي بين تركيا وإسرائيل قائلا، "اردوغان هو نموذج .. لقد جعل من بلده نموذجا للديمقراطية والإسلام".
وما زال اردوغان كذلك يحظى بشعبية بين المعارضة السورية التي تحاول الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، الذي عارضه رئيس الوزراء التركي بشدة.
أبدت لينا الشامي وهي ناشطة بارزة فرت من دمشق إلى اسطنبول قبل عدة أسابيع فقط اعتراضها على مقارنة الليبراليين في تركيا بين احتجاجاتهم في ميدان تقسيم وبين العرب الذين عانوا من الاستبداد، وقالت "لم اتمالك نفسي وابتسمت حين رأيت الشرطة وهي تطلق مدافع المياه على المتظاهرين في تقسيم وكان ذلك إنعاشا لهم من حرارة الصيف ورأيتهم يحتفلون ليلا .. لو كان هذا نظام الأسد لقتلت قواته المئات إن لم يكن الآلاف في تقسيم".
وهي تشعر بالقلق في حالة إجبار اردوغان على التنحي لأنه فتح الباب امام اللاجئين السوريين وتخشى أن يحدث عكس ذلك في حالة الإطاحة به، وتابعت "بدأنا نخاف أن يحدث رد فعل عكسي تجاه اللاجئين السوريين في حالة إجبار اردوغان على التنحي".
وقال خالد الدخيل وهو استاذ سعودي لعلم الاجتماع السياسي ودرس استراتيجية تركيا الاقليمية إن الاضطرابات في الداخل قد تعيق أمل اردوغان في القيام بدور رئيسي في سوريا ما بعد الأسد، وقال إن مثل هذه الآمال تقلصت بالفعل بسبب عزوف قوى عربية وغربية عن دعم مقاتلي المعارضة بشكل كامل، لكن في حين أن اردوغان يبدو مرتبكا ولم يعد محصنا من انتقادات المعارضة يرى الدخيل إن من غير المرجح أن تكلفه الاحتجاجات السلطة.
وبأي حال ليس هناك كثير من الأدلة على أن الاضطرابات في الداخل أو استياء الليبراليين في دول عربية من اردوغان سيردع أنقرة عن توسيع وجودها الاقتصادي والدبلوماسي في الدول التي كانت من قبل جزءا من الإمبراطورية العثمانية في خطوة حدث معها بالتوازي فتور إزاء سعي انقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي تونس حيث اتفق اردوغان وعشرات من رجال الأعمال على مجموعة من صفقات الاستثمار في الأسبوع الماضي، قالت امال بلحاج المعلقة الصحفية "زيارة اردوغان لتونس والبهرج الذي كان عليه أظهرته وكأنه السلطان سليمان وهو يريد استعمار بلد جديد".
لكن الخطر الذي يواجه استراتيجية اردوغان لكسب النفوذ في الأنظمة العربية الجديدة قد يتحقق في حالة انتكاسة حلفائه الإسلاميين في دول عربية، وقال حسن نافعة استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة وهو من منتقدي جماعة الاخوان المسلمين، إن قمع المعارضة في تركيا جعل الكثير من المصريين من ذوي اتجاهات غير إسلامية ينقلبون على اردوغان مما يجعل نجاح السياسة الحالية لأنقرة تجاه مصر تعتمد على نجاح الاخوان في مصر.
ومضى يقول "إذا تمكن ... الاخوان المسلمون من اقامة نظام متماسك وتحقيق الاستقرار فقد يدعم هذا طموحات الحكومة التركية ... لكن إذا انهزم الاخوان المسلمون فسوف يخسرون هم أيضا".