الصمود اللبناني والإتعاظ قبل فوات الأوان
الهام فريحة
13-06-2013 03:03 PM
أمس عرسال والهرمل، قبلهما باب التبانة وجبل محسن، وقبلهما الطريق الجديدة والضاحية، وقبلهما صيدا وحارة صيدا.
هذا عن الأمس، أما الغد فسيكون مشابِهاً تقريباً وعنوانه:
الفتنة ستبقى تحاول وتحاول وتحاول، ولكن من دون نتيجة فلماذا تكرار العبث؟
* * *
يستفيق اللبناني على خبر التوتر بين باب التبانة وجبل محسن، يقول بينه وبين نفسه إن الخبر عاديٌّ وليس جديداً، فالجولات بين المنطقتين بلغت سبع عشرة جولة ولا شيء يمنع أن تتجدد الجولات، ومع ذلك تعود المدينة وتنهض من جديد.
* * *
عرسال والهرمل على خط التوتر أيضاً، ولكن تدخل الجيش يحول دون تفاقم الفتنة، فتعود الأوضاع إلى الهدوء بعد أن يكون التوتر قد فعل فعله.
هكذا، فإن ما يجري هو عملية كرّ وفرّ يومية بين مختلف المناطق اللبنانية، ولكن ماذا بعد؟
وإلى أين ستؤدي كل هذه المماحكات؟
بالتأكيد لن تؤدي إلى أي شيء ولا إلى أي مكان، فهل هي المرة الأولى التي تتوتر فيها الأوضاع بين باب التبانة وجبل محسن؟
هل هي المرة الأولى التي تسقط فيها صواريخ في الهرمل؟
هل هي المرة الأولى التي تتوتَّر فيها الأوضاع في الطريق الجديدة؟
ومع ذلك يستفيق الناس صباحاً ويذهبون إلى أعمالهم، والطلاب إلى مدارسهم وجامعاتهم وكأن شيئاً لم يكن، فإلى متى ستستمر محاولات التيئيس وتعميم القرف والإحباط؟
* * *
للمرة المليون نقول للعابثين:
لن تنفعكم محاولات العبث بالوطن، قبلكم حاولوا، بعدكم سيحاولون لكن ما النتيجة؟
الوطن باقٍ.
* * *
ثم هناك الصرخة التي أطلقتها الهيئات الإقتصادية، مع التقدير للخطوات التي تقوم بها هذه الهيئات، فما هي آفاق هذه الصرخة؟
هل تستطيع تسمية الأشياء بأسمائها؟
إذا كانت تستطيع فلماذا أحجمت؟
أما إذا كانت لا تستطيع فما جدوى هذه المؤتمرات؟
ألا تعتقد هذه الهيئات ان ما تقوم به هو "صرخةٌ في وادٍ" وان ما من أحد بين المسؤولين يسمع هذا الصراخ؟
* * *
لم يعد ما هو مخفيّ في لبنان، الأمور واضحة كعين الشمس، ومَن لا يريد أن يراها لا يعني انها غير موجودة:
هناك سباقٌ محموم بين مَن يحاولون الحفاظ على الدولة وبين مَن يحاولون الحفاظ على مصالحهم واستراتيجياتهم، ولو في كنف الدولة، على المواطنين أن يختاروا بين هذين المعسكرين، ولكل خيار ثمنه وكلفته، فإذا اختاروا الحفاظ على الدولة فهذا له مستلزماته، أما إذا اختاروا الإستراتيجيات خارج الدولة فهذه لها كلفتها. لكن البقاء في الوسط والتأرجح بين الخياريَن فهذا معناه التذاكي والتشاطر، وهذا المنحى ينقلب على أصحابه.
* * *
الأمور لم تعد تحتمل المناورة:
إنه زمن المواجهة لترسيخ اللبنانيين في أرضهم وتثبيت المؤسسات في مناعتها، ومنع العبث بالمقدَّرات وكأنها غنائم حرب أو غنائم سلم.
فهل يتعظ العابثون قبل فوات الاوان؟ (الانوار اللبنانية)