قياصرة للفرس في بلاد العرب
نصوح المجالي
13-06-2013 02:49 PM
مع ان الفرس لم يكن لديهم قياصرة الا انهم في لبنان وبلاد الشام نصبوا وكيلاً للولي الفقيه برتبة قيصر وأسسوا له حزباً وميليشيات عسكرية, وقيصر لبنان اقام سلطته ونفوذه على قاعدة طائفية موالية لايران وكان المدخل الاجتماعي لتجييش الطائفة الشيعية في لبنان الدفاع عن المهمشين والمظلومين من الشيعة في المجتمع اللبناني, كان ذلك المدخل للمشروع السياسي الايراني في لبنان الذي شكل حلقة في سلسلة مشاريع مماثلة في طور التكوين والانشاء في المجتمعات السنية في المشرق العربي تشكل بمجموعها سلسلة الاختراقات المذهبية والسياسية للدولة الفارسية بصيغتها القائمة على احياء القومية الفارسية في ثوبها الطائفي.
وتبدأ العملية بتثوير المكون الشيعي تحت أي عنوان اجتماعي أو سياسي, ثم بعزل الجالية الشيعية عن بقية المجتمع كما حدث في لبنان, وصولاً الى تسييسها وتسليحها لتكون القاطرة الرئيسية للحياة السياسية والارادة السياسية والعسكرية العابرة لسيادة الاقطار بل والمصادرة لهذه الارادة.
وتتصرف هذه الكيانات التابعة فعليا لايران كدولة داخل الدولة تستغل نفوذها في الدولة لمواجهة وتقزيم خصومها, ثم تقيم تحالفات مع دول اخرى تخدم مشروعها حتى لو ادت الى جر الدولة التي تعمل فيها الى حروب وصراعات تتنافى مع مصالح هذه الدول، فجرّ لبنان الى الحرب مع اسرائيل عام 2006 كان بمنأى عن ارادة الشعب اللبناني، وكذلك التورط المسلّح في الصراع لدعم النظام السوري، ضد السنة، وضد الثورة السورية.
فمصدر القرار دائما في ايران، وليس في الدولة التي يقوم فيها المشروع الطائفي المسلح.
وحزب الله في لبنان وقيصر لبنان المعمم، مثل قمة النجاح في المشروع الطائفي الايراني الذي يمثل مبدأ تصدير الثورة الايرانية الى الجوار العربي.
والتطور الخطير ليس لبنان وحده في قبضة القيصر الايراني حسن نصر الله، فسوريا ايضا اصبحت تحت رحمته ومؤهلة لان تحذوا حذو لبنان، وايران جادة في انشاء حزب مماثل لحزب الله في سوريا وهي تدرب على اراضيها عشرات الآلاف من الشباب الشيعة والعلويين ليؤدوا نفس الدور الذي يؤديه حزب الله في لبنان، فالنظام السوري خرج تدريجيا من حاضنته العربية وشعاراته التي سقطت، مع تساقط براميل البارود على رؤوس الشعب السوري لينضم الى سلالة الكيانات المذهبية الايرانية في المنطقة، فمصالح ايران فوق الشعارات العربية وفوق الدماء التي تنزف من الشعب السوري.
والسلالة الجديدة للمكونات السياسية والميليشاوية الايرانية التي تحكم السيطرة على المجتمعات والدول العربية، حتى تغطي على لونها الطائفي الفاقع، تلجأ لاختراق الطوائف الاخرى في البلدان، المسيحية منها والاسلامية وتصطفي منها، بعض الطامحين للسلطة في هذه الطوائف، تقدم لهم الدعم وتمكنهم داخل طوائفهم وبذلك تُضعف الطوائف الاخرى وتوظف اجزاء من هذه الطوائف لخدمة مشروعها السياسي، وبالتالي مشروعها الطائفي.
في لبنان يلعب نصرالله دور القيصر غير المتوج الذي لا يُخفي انه يختار رئيس الحكومة اللبنانية ويكلفه بنفسه قبل ان يكلفه رئيس الجمهورية المنتخب فارادته مرسوم ملزم لرئيس الجمهورية.
فالحكومة والبرلمان ورئيس البرلمان بيده فالدولة والقرار الحكومي في لبنان تحت عمامته.
واذا ما خالفه خصومه يجتاح العاصمة بيروت لردع من خالفوه ولتأكيد سطوته العسكرية، واذا ما انتقده او حاسبه طرف لبناني او دولي يهزأ منهم بانهم غير قادرين على تنفيذ تهديداتهم، وانهم عملاء لدول اخرى مع انه يمثل مشروع العمالة لدولة اخرى تخترق لبنان يأتمر بأمرها وينفذ ارادتها وسياساتها على حساب الدولة التي احتضنته.
عالمنا العربي وبخاصة الاقطار السنية امام حركتين توسعيتين لكل منهما مشروعها الديني والقومي، اسرائيل التي تقرض فلسطين وبلاد الشام من اطرافها، وايران التي تخترق بلاد الشام وبلاد الرافدين وتهدد اليمن والبحرين والكويت وشرق السودان وتكيد لدول الخليج، ويصل طموحها في تشييع المجتمعات السنية، الى تونس والمغرب، ولا تستثني مصر ايضا، وتدعي الوصاية على قضية الشعب الفلسطيني ايضا، ولا تتورع عن تجنيد فصيل فلسطيني لصالح مشروعها لولا تفاقم الاحداث في سوريا.
فمشاركة ايران وادواتها المليشياوية في الحرب الدائرة في سوريا دفاع عن مشروعها التوسعي الطائفي الذي يستهدف المجتمعات السنية تخدمه ايران بالسلاح والرجال والدعم المالي والسياسي، اما الدول العربية ذات الاغلبية السنية فتبدو وكأنها بعد معركة القصير قد صحت من نومها على تفاقم الخطر الذي لا بد ان يتسرب الى ظهرانيها ويهدد مجتمعاتها ودولها, فدولة الملالي في ايران تقرض العالم السني من اطرافه وتقيم دكتاتورية سياسية وطائفية تجاه كل من يعارضها ومشروعها في لبنان قابل للنسخ والتكرار في كل دولة عربية وفي الجوار المسلم المحيط بالعالم العربي.
هل تتحرك الدول العربية التي ما زالت خارج التأثير الايراني لرد هذه الهجمة الصفوية على عالم السنة ودولها, ام أن الوهن الذي اصابها واغرى ايران بها, سيعيدنا الى دول المناذرة خدام فارس القديمة.
فمعركة حلب الوشيكة قد تكون الحد الفاصل بين استفحال هذا الاختراق الفارسي لبلادنا أو تحجيمه وحتى الان لم تواجه دولنا التمدد الايراني المستفحل في بلادنا الا بالبيانات والشجب التي لا تقدم ولا تؤخر.
"الرأي"