ما تجمع عليه الأمة الأردنية من كافة مشاربها العشائرية والسياسية والاقتصادية ومنابتها الجغرافية هو أن وحدة هذا البلد وصموده وأمنه هم الأساس ولا اختلاف على ذلك مهما وصلت درجات العتب والغضب، ربما من قرار أو تصرف لا تكون الدولة مسؤولة عنه، لان الناس ينظرون حولهم فيحمدون الله كثيراً على نعمائه إلا من كانت غايته ووجهته غير قبلة العامة.

الجبهة الداخلية الأردنية متينة بفعل الحرص الكبير من لدن الناس على بقاء ركن الاستقرار هو الأساس، ولا أظن عاقلاً يخرب بيته بيده إلا من كان فاقداً لشعور المواطنة الحقة أو مختل العقل أو تُحركه هواجس وغايات خارجية أصبحت مكشوفة الهدف والغايات.

الخطة الإصلاحية وأوراق الملك الأربع التي أعلنها خلال الفترات الماضية تُعد خريطة حقيقية لمن يريد أن يسلك الطريق القويم نحو الفلاح والخلاص من هواجس الماضي ومشكلات الوقت وتراكمات الخطأ الحكومي المتزامن، وكانت بكل فصولها صورة مشرقة للمستقبل وربما آخرها كان الأبرز في خطة التمكين رغم ما كان يرافقها من كلام التخوين والتشكيك الذي أشار إليه المفكر عمر الرزاز في كلمته بافتتاح حفل إطلاق الحملة أخيراً.

بالأمس طالعتنا وسائل الإعلام ببيانٍ للإخوان المسلمين يدعو للحشد – لا نعلم لماذا نسوا الرباط – لدعم مظاهرة الجمعة التي يقودها ما يسمى ب «ائتلاف العشائر الأردنية» بغية «تحقيق تطلعات الشعب الإصلاحية والنهضوية»..
من حق الناس جميعاً التعبير السلمي بصورة مسؤولة ومعقولة عن رأيهم في كل ما يرونه مخالفاً لمصلحتهم، لكن من غير المعقول أن يتم استغلال فئة محدودة وركوب موجتها لمصالح حزبية وأجندات واضحة المعالم والتفاصيل والأهداف بدعوى الحرص على مصالح الناس وتحقيق رغباتهم واستغلال بساطة واختلاف مطالبهم عن جهات لا تضمر للأردن إلا استهداف الحكم وتغيير النظام والزعامة.

تجارب الجوار من نفس الملّة والتنظيم شاهدنا كيف ركب ربان حملة الشعارات والإعلام الموجة وأداروا مجداف رغبة الجماهير نحو مصالحهم ثم حلقوا وحلّقوا كيفما شاءوا .. ونحن لا نريد لهذه الغايات النبيلة من حراكات وطنية أعلن الملك في أكثر من مكان ومناسبة انه يحترمها ويشعر معها إن بقيت في إطار المسؤولية الوطنية والتعبير الديمقراطي الملتزم.

لا نخشى على الأردن إلا من حملة المباخر الذين ينفخون ليل نهار في وجوه الإصلاحيين الحقيقيين من أجل استلطافهم وكسب تعاطفهم واستمالتهم نحو مجهول لا يعلمه السواد الأعظم من الجمهور المتعطش لكل جديد.
samhayari@gmail.com
عن الراي.