مصطفي وهبي التل " عرار " ..
فارس الحباشنة
13-06-2013 01:28 AM
ذكرى رحيل الشاعر مصطفى وهبي التل "عرار " يستحسن الاحتفاء بها خارج الرعاية الحكومية ، فغالبا يكتسي الاحتفاء الحكومي بالنفاق و الدجل و الجهل ، صحيح أن الاحتفاء ب"عرار " في هذه اللحظة الوطنية الحساسة و المثقلة بالهم و الالم أقرب الى الضرورة و الحاجة ، وصحيح أيضا أن "عرار " لو كان "حيا" بيينا فانه لن يسمح لرئيس الحكومة أو وزير الثقافة برعاية أي أحتفاءحكومي به .
"عرار " عاش حياته يفضل أن تخافه السلطة على أن تستلطفه أو تجذبه أوتحتضنه ، و عند الكتابة عنه لابد من البحث بظمأ عن أعادة قراءة نقدية قويمه لمشروعه الوطني الاصلاحي ، ونضاله في وجه ظلم السلطة وفسادها ، وتأهيل الاردن دولة و شعب الى لحظة الاستقلال عام 46 .
برز "عرار " في مرحلة من تاريخ الاردن كانت تغلي بالفساد و الظلم و القمع و القهر و الاستبداد ، ولم
يكن للاردنيين منارة نضالية أبداعية تجتذبهم الا شعر "عرار " الرسولي " ملحمة لصراع مفتوح ضد
السلطة وأزلامها الفاسدين ، جهاد لأنقاذ الاردن من "حكم طبقي " سلب من الوطن شعبه و مقدراته .
"عرار " أقتحك حلبة السياسة الاردنية بقوة الاعصار ، لا يكاد يمر يوما الا و يستثير معركة ضد السلطة الفاسدة يخوضها بشراسة و ضراوة ، فما أن تنتهي معركة حتى يستنبت أخرى ، رأى به الاردنيون أملا وطني مفتوح للتغيير و الاصلاح و الحفاظ على هوية الاردن التاريخية ، التف حوله مجموعات من الشباب الاردني "الحر " محبون ومخلصون .
لم يعرف "عرار " الصوت الخفيض الا في المسارات الانسانية ، وفي الحزن ، شعره جلجل و دربك الصخور ، و في أواخر عهده بالكتابة لم يؤمن ب"الترميز أو الايحاء و الاشارات البعيدة " ، اصبح صدره يضيق و يقاطع نفسه بالتعبير المكشوف و الصريح بالهجوم المباشر على سلاطين الظلم و الفساد .
"عرار " أبتكر في شعره معادلة "الرفض و مقاومة السلطة الفاسدة و الظالمة و المستبدة " ، خاطب أهل السلطة بلسان المثقف المناضل الملتزم ، كانت مرحلة قاسية سمحت له أن يكون المطلوب رقم "1" لاجهزة القمع و القهر الامني السلطوي في تلك المرحلة .
رحم الله "عرار " و أغرقه في نعيم جنانه ، شاعر حصدته في ممأته ظلم وجهل السلطة ، أنظر اليوم لتهميش ذكرى رحيله ، وأقول ليت الحكومة ومؤسساتها الثقافية تبقى صامته و يكون الشعب هو الوارث و الناقل الوحيد لذكرى عرار و غيره من رموز الاردن العظام .