تبعت شرقي الأردن للإدارة العربية العسكرية برئاسة الأمير فيصل بن الحسين بعد أن حرر شرقي الأردن وسورية . وقد حاول فيصل الاتفاق مع الحكومتين البريطانية والفرنسية ، إلا انه لم يتمكن من إنجاز تقدم ، فقد كانت فرنسا تعد العدة للسيطرة على سورية بالقوة ، وفي أوائل شباط عام 1920 ألغيت الحاكمية العسكرية العامة في الدولة الفيصلية وألغيت وظائف الحكام العسكريين في المناطق .
ورأى أعضاء المؤتمر السوري أن يضعوا العالم أمام الأمر الواقع ، فاتخذوا في 7 آذار 1920 قرارا بإعلان استقلال سورية الطبيعية ( سورية ولبنان وفلسطين وشرقي الأردن ) ، ونادوا بفيصل بن الحسين ملكا عليها ، وفي 8 آذار ألف الملك فيصل أول وزارة في سورية ، وقد أعلنت كل من بريطانيا وفرنسا معارضتهما لقيام الدولة السورية ، وفي 25 نيسان قررت بريطانيا وفرنسا في سان ريمو فرض الانتداب الفرنسي على سورية الداخلية ولبنان ، وفرض الانتداب البريطاني على فلسطين وشرقي الأردن والعراق . وتطبيقا لهذا الاتفاق زحفت قوات الجنرال غورو الفرنسية لاجتياح سورية الداخلية ، فحاولت قوات فيصل التصدي لها في ميسلون في 24 تموز 1920 ، فكان النصر للجيش الفرنسي واستشهد وزير الحربية يوسف العظمة ، وأنذرت القوات الفرنسية فيصلا لمغادرة دمشق .
كان رد فعل الأردنيين بعد انهيار حكومة فيصل أن حملوا السلاح وهاجموا سمخ وبيسان بقيادة كايد المفلح العبيدات من ناحية الكفارات ومشاركة أهالي الوسطية بزعامة ناجي العزام ، وبتشجيع من القائمقام منصور الحلقي ، فقد أغاروا على سمخ وبيسان وبعض القرى اليهودية وطردوا اليهود منها . وقد أرسلت بريطانيا الطائرات لقصف الحشود الأردنية وأسفر القصف عن مقتل عشرة من الأردنيين بينهم الشيخ كايد المفلح العبيدات ، كما تعرضت أم قيس لقصف الطائرات البريطانية .
وفي الوقت نفسه توجهت قوة أردنية أخرى لمهاجمة القوات الفرنسية في سورية بزعامة سلطان بن عدوان وميرزا باشا وسعيد المفتي ، وقد أصدرت القوات الفرنسية أحكاما بالإعدام على بعض أهالي شرقي الأردن وفلسطين منهم : اللواء علي خلقي الشرايري وسليم عبد الرحمن وعوني عبد الهادي ورفيق التميمي .
وقد حدث اصطدام بين أهل حوران ورئيس الحكومة السورية تحت الاحتلال حيث زاروا مع الضباط الفرنسيين درعا فتصدى لهم الأهالي وقتل رئيس الحكومة علاء الدين الدروبي وعبد الرحمن اليوسف وبعض الجنود الفرنسيين ، وقد تحركت قوة من أهالي شرقي الأردن لدعم إخوانهم الحوارنة ومعها الشيخ منور الحديد ومعه 400 خيال ، وعدد من أفراد الجيش الفيصلي الذين كانوا يخدمون في شرقي الأردن ، وانضم إليهم الشريف محمد على البديوي بعد أن ودع فيصل في ميناء حيفا ، وقد أرسلت الحكومة الفرنسية حملة إلى حوران شارك الأردنيون في صدها في قرية نوى ، وبعد المعركة التحق الشريف محمد علي البديوي إلى الأمير عبد الله ففي تبوك .
أرسل الإنجليز معتمدين عسكريين للمساعدة في إدارة شرقي الأردن، إلى كل من السلط والكرك وجرش وقد جعل مقر كبير المعتمدين وهو الميجور كامب في السلط.
وقد أرسل السير هربرت صموئيل رسالة إلى فيصل في 16 آب 1920 ابلغه فيها انه زاره بعض مشايخ شرقي الأردن طالبن إنشاء إدارة بريطانية في شرقي الأردن، واخبره أن بريطانيا سترسل عددا قليلا من الضباط الإنجليز لمساعدة أهالي شرقي الأردن لتنظيم حكومتهم، واعلمه انه دعى زعماء شرقي الأردن من عجلون شمالا إلى الطفيلة جنوبا لمقابلته في السلط للتشاور . وقد غادر المندوب السامي القدس إلى السلط في 21 آب 1920 فاجتمع مع ستمائة شخص من جرش وعجلون والطفيلة والسلط والكرك ، وخاطبهم عن فصل بلادهم عن حكومة الشام ، ولا تقصد بريطانيا إلحاق بلادكم بحكومة فلسطين ، بل تريد تأسيس إدارة منفردة لمساعدتهم في إدارة أنفسهم ، وتنظيم الدفاع عن البلاد ، وبناء المدارس وتقديم المساعدات الطبية وتنظيم أمور التجارة وبناء الطرق . إلا انه أحجم عن تأسيس حكومة مركزية في شرقي الأردن ، بل شجع الحكومات المحلية ودويلات المدن ، وعلى إثرها تشكلت حكومات في اربد والكرك والسلك ، بالتعاون مع مجلس استشاري من أعيان ووجهاء المناطق ، ويمثل بريطانيا في كل حكومة معتمد بريطاني يكون المرجع لهذه الحكومات .
الى اللقاء في الحلقة القادمة ...