صمّام الأماند. محمد أبو رمان
10-06-2013 03:36 AM
تربط رهانات سياسيين، في أروقة الحكم أو حتى في المعارضة، مسار الإصلاح السياسي الداخلي وسيناريوهات المرحلة المقبلة وسقوفها بنتائج المشهد السوري؛ فيما إذا كانت ستتمثّل في بقاء النظام أم سقوطه، أم لا هذا وذاك، أي فترة من انعدام الأمن والفوضى والفك والتركيب، وهو السيناريو الأرجح للأسف الشديد!على كلّ الأحوال، ومع الإقرار (أولاً) بالتأثير الشديد للمشهد السوري على الأردن، من زوايا سياسية وأمنية واقتصادية، والأهم من ذلك انعكاسه عبر حالة الاستقطاب الشديدة داخل أطياف المعارضة من جهة، وما يثيره من مخاوف لدى الأردنيين من مخرجات اللحظة الراهنة من جهة أخرى؛ وأيّا كانت السيناريوهات السورية المقبلة (ثانياً)، وبصورة خاصة سيناريو الفوضى والأزمة، فإنّ ذلك كلّه يتطلب وطنياً جبهة داخلية صلبة متماسكة، ودولة قويّة.الدرس المهم والحيوي من الربيع العربي، وربما النتيجة الأكثر عمقاً ورسوخاً، تتمثّل في ارتفاع وزيادة أهمية العامل الشعبي (الشارع) في صنع الأحداث ورسم التغييرات، مقارنةً مع المرحلة السابقة التي كانت تجرى فيها تغييرات الحكم والسلطة على وقع العامل الخارجي، مباشرة أو غير مباشرة.سيردّ مراقبون بأنّ العامل الخارجي يلعب الدور البارز في تطوّر الأحداث في سورية؛ فما يحدث أقرب إلى حرب إقليمية بالوكالة. وهذا القول إن كان صحيحاً في جزء منه، إلاّ أنّه في الأجزاء الأخرى ليس دقيقاً ولا عميقاً. فالعامل الخارجي الأقوى يعمل لصالح النظام السوري؛ من دعم روسي إيراني وأخيراً قوات حزب الله، في مقابل تردّد "أصدقاء سورية" وتشتّتهم. بالرغم من ذلك، ومن حجم المأساة الإنسانية غير المسبوقة، فإنّ إرادة الشعب السوري في الصمود والصبر والثورة والتحدّي هي عنوان ما يحدث، وهي التي تمثّل الحدث والاستثناء؛ فهي تضحيات مذهلة، تؤكّد أنّ الشعوب العربية اليوم تغيّرت تماماً، ولم تعد تنتظر انقلاباً عسكرياً مدعوماً من قوى دولية أو صراعاً داخل النخبة الحاكمة نفسها.ذلك لا ينفي أنّ تداعيات المشهد السوري، والأزمات التي تمرّ بها دول الربيع العربي اليوم، والتي أدت إلى اهتزازات كبيرة في كل من مصر وتونس، وتراجع الحراك الداخلي الأردني، مصحوباً بتراجع الضغوط الخارجية على الأردن لمزيد من الإصلاحات السياسية العميقة؛ هذه العوامل مجتمعة دفعت بنخبة من السياسيين إلى العودة للتأكيد على قناعةٍ سابقة هيمنت على تصميم السياسات العامة، وتتمثّل في أنّ المطلوب في الأردن هو تحسين الظروف الاقتصادية، التي تمثّل الهمّ الأول للناس، وليس الإصلاح السياسي، وأنّ التركيز ينبغي أن يكون على تلك الظروف في المرحلة المقبلة، لأنّ أغلب مطالب الناس مرتبطة بهذا الشأن.مشكلة هذه القناعة، والتي ما تزال تحكم نخبة مهمة في أروقة الدولة أو حولها، أنّها تقفز عن قضايا رئيسة مهمة، في مقدّمتها "التزاوج" العميق المتين بين الأزمتين السياسية والاقتصادية، وتبادلهما في التأثير. إذ تبدأ حركات الاحتجاج اقتصادية، لكنّها سرعان ما تأخذ طابعاً سياسياً، أو تأخذ الأزمة السياسية أبعاداً اقتصادية واحتجاجية في علاقة الدولة بالمواطنين؛ هذا من زاوية.ومن زاويةٍ أخرى، فإنّ حلول الأزمة الاقتصادية تتطلب جوانب سياسية مهمة، تقوم على نظام سياسي يتوافر على قدر كبير من التمثيل والتوافق الوطني السياسي.ما هو أهم من هذا وذاك، أنّ ما نعانيه حالياً من انهيار هيبة الدولة وقيمها، وتراجع في مجالات حيوية مثل التعليم العالي والخدمات، كل ذلك يتطلب حكومات قوية تستند إلى دعم شعبي. وذلك هو "صمّام الأمان" الوحيد المضمون في مواجهة أي تحديات داخلية أو خارجية.
|
مقال خال الدسم من الكاتب الذي نحترم.
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة