نقترب من شهر رمضان المبارك , في وقت تستفحل فيه الازمات وتشتد إقليميا وفي الجوار وحتى داخليا حيث المزاج العام للناس على غير ما يرام ,جراء الفقر والبطالة وحديث السياسة والاشاعات وسوى ذلك من أمور لا تبعث على راحة بال !.
تستطيع الحكومة ورئيسها انسان فاضل متدين أن تعد ومنذ الآن برنامجا وطنيا شاملا يضفي على البلد كله أجواء رمضانية ايمانية روحانية كاملة خلال الشهر المبارك بعيدا عن مثالب السياسة وشؤونها وعلى نحو يسهم في إصلاح المزاج العام وتوجيهه الوجهة الصحيحة صوب تجلية الايمان الخالص بالله الواحد الاحد سبحانه, واعتبار هذا الشهر الفضيل ,شهر اجازة "مجازا" نتوقف فيها على كل ما يجافي بركات الصوم وبحيث يكون صوما عن كل ما يقارب الشبهات والاشاعات ومواطن الزلل كشرط لا بد منه لاكتمال الغايه من صوم رمضان !.
نسأل ولا نتساءل عن دور " الدعاة" الى الإيمان والفضيلة في شهر رمضان المبارك وعن دورهم في عمان والمحافظات جميعها , ونتمنى لو أن لدينا دعاة بسوية ما هو موجود في دول شقيقة أخرى , فقد نحت بنا السياسة ومادياتها عن منبع الروحانية في ديننا العظيم ومبدأ تقديم القدوة الحسنة كسبيل قويم لإصلاح المجتمع , وصار كل حديثنا واهتمامنا وفي سائر أرجاء البلد هو مجرد حديث في السياسة لا سواها , ولا حول ولا قوة الا بالله! .
لن يكون الامر مكلفا على الحكومة صاحبة الولاية العامة وأجرها على الله , إن هي أعدت الآن وعبر لجنة ذات فكر وإبداع مخططا إيمانيا روحانيا وإنسانيا لشهر رمضان المبارك , يستند الى مبدأ تعزيز التكافل والتضامن الإجتماعي عبر الجمعيات والهيئات الخيرية ومنها الهيئة الخيرية الهاشمية وسواها , فمد يد العون والمساعدة قبل رمضان الى من يحتاجون واجب ديني ووطني وإنساني وحتى أخلاقي , وتوزيع الدعاة المؤهلين على مساجد المحافظات وإقامة حلقات الذكر والدروس الدينية التي تسعى لإصلاح الفرد والمجتمع بمعزل عن السياسة ودهاليزها , وتزيين المساجد وكافة دور العبادة وإستعادة الكثير من الطقوس الرمضانية التقليدية ومنها المسحراتي وفرق الإنشاد الديني وموائد الشهر الفضيل بدعم الموسرين في مختلف أنحاء الاردن وتطوير الأداء الإعلامي الرسمي بما ينسجم وحرمة الشهر المبارك وغير ذلك ,هي جميعها أمور بسيطة ولا كلفة فيها بل هي واجب أجره على الله العلي القدير لمن ينهض به , وهو حالة لا شك لها أثرها في الإصلاح وتحسين المزاج العام للناس والتحلل من الضغوط النفسية المستفحلة بسبب تحول المجتمع كله الى مجتمع سياسي زاده سياسة وحديثه سياسة , الى الحد الذي طغت فيه السياسة وشؤونها على كل شيء!.
ما الذي يحول دون تنظيم محاضرات إيمانية خالية من السياسة في مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا كافة خلال شهر رمضان المبارك , ولماذا لا تعمم فكرة المجالس الهاشمية على سائر المحافظات , ولماذا لا يعود " مدفع " رمضان الى سابق عهده وفي مختلف أنحاء البلاد , وما الذي يحول دون ان تكرس الجماعات والهيئات الدينية جهدها في رمضان للدعوة الخالصة الى " الله " جلت قدرته والى إصلاح المجتمع وتقديم الأنموذج الطيب للمسلم الحق المتخلق بأخلاق الإسلام العظيم حيث لا شطط ولا تطرف ولا غلو ولا شتيمة ولا نميمة ولا خروجا يذكر عن منهجية الخلق الحسن !.
هي دعوة نأمل من الحكومة ومن خلال رئيسها ووزرائها المختصين في الأوقاف والإعلام والتربية وسواهم , أخذها على محمل الجد فليس معقولا أبدا أن يستمر حالنا على ما هو عليه بحيث يكون الشهر الفضيل شهر نزاعات وخصومات وعصبيات بحجة الصيام لا بل شهر استهلاك مفرط للطعام والهدر والتبذير خلافا للأصل وما يجب أن يكون !.
يمكن ان يكون رمضان هذا العام مختلفا عن سابقاته من حيث تأصيل الحكمة الحقيقية لهذا الشهر العظيم حيث السكينة والخشوع والتقرب الى الله جل في علاه ,ولا يحتاج الامر الى كثير عناء, وانما فقط لشيء من الابداع الفكري غير المكلف ماديا والمفيد في ترويض المزاج الشعبي والذهاب بالناس طوعا الى حالة من الهدوء والايمان والقناعة والثقة بالنفس والتوجه الى الله سبحانه لان يغير الحال بأحسن منها ... باختصار نتطلع ل"رمضان" مختلف ايجابيا هذا العام باذن الله وعلى نحو ما نرى في مجتمعات ودول عديدة اخرى , والله من وراء القصد.