كانت أكثر أيامي إيغالا في الحلم تلك التي شهدت بداياتي في (الرأي) قبل مايقارب عشرة أعوام في ملحق الشباب. مع الزملاء في الملحق كنت أتابع عملية سير المقالة نحو النشر خطوة بخطوة، وكانت لنا في الرأي سويّاًأياماً كثيرة لكل منها حكاية تروى.
في بداية مسيرتي في (الرأي) عملت في التحقيقات والمقابلات الصحفية، ثم انتقلت لكتابة المقالة.. لم يكن ليغمض لي عين ليلة اصدار مادة أكتبها، فكنت كمن يؤدي طقوس عبادة أقوم فجر الخميس ، وهو اليوم المخصص لصدور الملحق، لأتصفح موقع الجريدة على الانترنت كي أطمئن على وجود الحروف الوليدة التي أودعتها مهد الجريدة، فأتذكر كلمات من ديوان أستاذنا الكبير، مده الله بالعافية، خالد محادين، تقول: إنها الساعة الخامسة فجرأ المدينة تستيقظ وأنا لم أنم.
..عبر بنا الزمن إلى أزمان أخرى، وبعد انتقالي إلى الأقسام الرئيسية في صفحة آراء وتعليقات لا زال الأرق ليلة صدور المقال هو الأرق والقلق هو ذاته القلق، ذلك أن الكاتب الأسبوعي عليه أن يظهر أنيقاً أمام قرائه، فهو يملك أسبوعاً كاملاً ليكون عند حسن ظن قارئه واحترام ذكائه وتقديم مجهود يليق بالصحيفة العريقة.
وكلما هممت بالكتابة أعاكس ماقاله كاتب انجليزي:» لم يتسع وقتي لأجعل مقالاتي قصيرة»، فأحاول بسط الوقت لترشيق المقالة مراراً، فعلى عكس ما يظن القارئ أن المقالة القصيرة هي نتاج سرعة الأداء، إلا أن العكس هو الصحيح، فالمقالة القصيرة تحتاج جهدا مضاعفا لأنها تحمل عبء الاختصار وحشد المعنى في أقل مساحة، ووحده الكاتب معني بقيادة هذا المجموع المضطرب من الأفكار.
تمضي أيامنا في الرأي لتضيف إلى العمر خبرة وإلى الذاكرة صوراً لا تنسى برفقة القراء والزملاء الأعزاء، وقد لا تمهلني مسؤولياتي العمل والحياة للتواجد كثيراً بين ردهات الرأي، دون أن ننسى أن كثيرين نغيب عنهم لكنّهم الأقرب ، وأظل أشتهي لهفتي لها مهما تباعدت زيارتي لأروقتها وناسها، وأظلّ أشعر أن في الصدر شيئا ناقصا حتّى أسرق من طيّات الزمن وقتاً لوصالها والامتلاء بأنفاسها.
ما يقارب عشرة أعوام بكامل مشمشها في الحبيبة "الرأي" ما وددت من الناس إعجابهم بقدر ما أطلب منهم صدقهم، وفي الكتابة على صدر صفحاتها كما قال الكاتب الفرنسي «سيلين» فإن كلّ شيء يشغفني حتى الفاصلة.
مبروك للرأي عيدها .. أنا أصغر من عددها الأول بعام، وهي أكبر منّا جميعاً. الرأي