قضيتنا ليست مع اللغة الانجليزية، فهي لغة عالمية، واتقانها ضرورة. لكن المشكلة مع فئات من المسؤولين وبعض اصحاب المواقع الذين يصرون على الاستعراض باستعمال اللغة الانجليزية! فالايجازات، او ما يسمى بالانجليزي "Presentations" تتم باللغة الانجليزية، و"عدة الشغل" كمبيوتر ولوحة عرض ومؤشر الكتروني. واذا اضطر احدهم إلى الحديث بالعربية، خلط بشكل استعراضي، وكأن المتحدثين مستشرقون دخلوا العالم العربي زائرين، وليسوا مسؤولين في دول عربية.نفهم ان يتم الحديث مع الضيوف الاجانب بلغتهم، لكن لدينا "موضة" او "صرعة" أفرزت فئة من المسؤولين تمارس استكباراً على العربية، او يتوقفون عند كلمة انجليزية ويتبسمون لأنهم لا يعرفون معناها بالعربية!
والمشكلة الحقيقية ان بعضا ممن لا يتقنون الانجليزية بشكل جيد يعتقدون ان هذه اللغة هي من صفات رجال المرحلة، وكأن الحديث بالعربية من سمات رجال الزمن الماضي. ولهذا ازدادت هذه الموضة في العديد من اللقاءات الرسمية، إلى درجة انه اذا حضر مواطن عادي او مسؤول ليس من رجال الانجليزي شعر بالغربة، وكأنه ليس في جلسة رسمية اردنية.
على هؤلاء المسؤولين الاحتفاظ ببلاغتهم الانجليزية في علاقاتهم الخاصة او شركاتهم، أما عندما يتحدثون عن قضايا الناس، ومشاريع في عمان او الزرقاء او الكرك أو العقبة أو المفرق، فعليهم ان يتحدثوا بالعربي. واذا كانوا في لقاءات عامة، فليتحدثوا بلغة الناس، لأن اللغة واللهجة احدى وسائل الاتصال والتواصل بين المسؤول والناس، سواء من يعملون معه او المواطن العادي.
ولأننا نعلم ان كل هؤلاء يعرفون العربية جيداً، فإن المطلوب ازالة حالة الاستعراض، والكمبيوتر الذي يقبل ايجازاً بالانجليزية يقبل ايجازاً مكتوباً باللغة العربية ايضاً. ويمكن لاي مسؤول ان تكون لغته عربية ويفكر بعقلية متقدمة، ويفهم طريقة تفكير الدول الغربية والعالم، لكن المسؤول يتحدث مع مواطنيه بلغتهم، بل ولهجتهم، والا فإن المواطن يشعر بالغربة مع المسؤول وكأنه يزور مؤسسة في بريطانيا او النرويج، وليس في عمان!
يعيب البعض على شبابنا انهم يتحدثون بلغة هجين، تختلط فيها كلمات العربية بالانجليزية. وهذه السلوكيات غالباً ما يمارسها من لا يتقن الانجليزية بشكل جيد. لهذا، فمعظم المصطلحات هي المتداولة وليست المعبرة عن ادراك للغة. ومهما يكن ما يفعله الشباب، فإنه جزء من استحقاقات مرحلة المراهقة والشباب، لكن ما هو عذر الكبار ممن يصلون الى المواقع في ان يحولوا لغة العمل والخطاب اما الى لغة هجين بين العربية والانجليزية، او إلى اللغة الانجليزية؟!
كما اشرت، فإن بعض الفئات ترى في هذا تصنيفاً سياسياً، وان رجال الحرس القديم هم من يتحدثون بلهجة الناس واللغة العربية، مع ان من هذا الحرس من يتقن الانجليزية باحتراف، لكنه لا ينسى انه مسؤول اردني، وانه مسؤول عن ابناء الكرك ومعان والرمثا والزرقاء والاغوار، اما ما يفعله البعض الان فهو محاولة للقول انهم على سوية عالية من فهم العالم، وليكن، لكن لكل مقام مقال.
ما هو مدهش ان البعض لا يأخذ من الانجليز والاميركيين والاوروبيين الا اللغة، وليتهم يمارسون مع الناس سلوكيات الادارة والسياسة التي يتعامل بها مسؤولو الغرب مع مواطنيهم! فالبعض يتحدث ويفكر بالانجليزية، لكنه عند حسابات المصالح والعمولات والاموال يفكر باللغة العربية، بل بلغة من العصور الحجرية. لهذا، فإما ان تتحدثوا بالعربي وتديروا اعمالكم بذات السلوكيات، واما ان تتحدثوا مع الناس بالانجليزية وتمارسوا الادارة والسياسة كما يمارسها الغرب. اما ممارسة الاستعراض باللغة الانجليزية، والادارة باللغة الآرامية القديمة والحفاظ على مصالحكم بالعربي، فهذا امر غير مفهوم.
sameeh.almaitah@alghad.jo