طوال سنوات كان الحديث عن الاستثمار في الصخر الزيتي حديثا ثانويا , وكانت الاجابات ان كلفة استيراد النفط اقل من كلفة استخراجه من الصخر الزيتي المتوفر بكثرة في الاردن , فقد قدّرت الحكومات المُتعاقبة كلفة استخراج النفط من الزيت الصخري بما يقارب 33 دولارا , علما ان خبراء قالوا ان التكلفة مبالغ فيها – اي اقل – وأغفلت الحكومات المتعاقبة عن دراسة الاثر السيادي لانتاج الطاقة والذي لا يُقدّر بثمن .
أمس كان ائتلاف اماراتي – صيني يلتقي رئيس الورزاء لإنشاء مشروع محطة لتوليد الكهرباء تعمل على الصخر الزيتي , وبكلفة تصل الى سبعة قروش للكيلو واط , وهو سعر متدنٍ قياسا بما تتحدث عنه الحكومة في الفترة الحالية , ومن ايجابياته انه يخرج الاردن من ضائقة الغاز المصري او احتكاره ان جاز التعبير , ويوفر بدائل للطاقة مع مشروع ميناء الغاز المُسال .
الحكومات تتعامل مع الازمات بنظرية المياومة ولا تفكر في البدائل الا صبيحة يوم الازمة , ويعلو صراخها المُطالب بتمرير الظرف على نظرية “ موّتني بكره “ فاليوم أمر , وحتى لا نبقى أسرى لعدم التفاؤل نقول ان الفرصة سانحة لتحقيق بدائل مريحة للطاقة بعد ثلاثين شهرا من الآن , وهو زمن بسيط شريطة ان تسارع الحكومة والبرلمان الى توقيع الاتفاقية بشروط أردنية , فمن يملك الطاقة يملك القرار بالتساوي مع من يملك التكنولوجيا , فالعلاقة تكون متكافئة ويجب ان تكون الاتفاقية غير جائرة كما اتفاقيات التعدين .
الفرصة التي وفرها الحراك الأردني لصاحب القرار فرصة ذهبية فهي تضعه تحت ضغط الرقابة الشعبية , نعم , وتمنحه ايضا قوة لمواجهة مراكز القوى وتفضي الى استثمار الموارد الأردنية بشكل آمن وعادل , بل ومنحته فرصة لمراجعة الاتفاقيات السابقة لإزالة الاجحاف واعادة الأمور الى نصابها , فالمراجعة التي تسعى لاستعادة الموارد بالطرق القانونية ستكون محمية وحامية له في نفس الوقت .
الموارد الطبيعية رأسمال معطل في الأردن , ولا توجد رؤيا استراتيجية لربط السيادة بالاقتصاد , فكلفة الاستيراد مهما كانت منخفضة الا انها تحمل في طياتها رضوخا لطرفين الطرف المورد والوكيل الداخلي , وستتأثر اعصاب الدولة بالضغط شئنا ام ابينا فنحن لسنا سوقا ضخما حتى يكون سلاح المقاطعة فاعلا , ولا يتوفر لنا بديل محلي للاستغناء عن المُستَورد حتى لو كان اقل جودة , والاخطر انه يمنع السوق الوطني من التفكير بالاستقلال الاقتصادي .
نعرف ان التكنولوجيا الاردنية مفقودة اسوة بمعظم الدول النامية , ولكن استيراد التكنولوجيا سهل في ظل توفر المواد الخام , والمهارة في القدرة على انتاج شراكة مع التكنولوجيا العالمية , وهي ليست محتكرة مثل السلع , فثمة اسواق للتكنولوجيا مفتوحة وتأمل في شراكات مع الاردن خاصة دول اسيا ودول اوروبا الشرقية , والحراك الاردني وفّر الارادة المستقلة للسياسي الاردني .
الحراك الشعبي احد الموارد المهمة للاقتصاد الاردني وللسياسة الاردنية وهو ثروة وطنية تزيح او تقاوم الضغط الخارجي , وهو ينتظر فقط الارادة الوطنية الجادة في تنمية الموارد بشروط وبشراكات وطنية وسيقدم هو الصبر على الضائقة ، فثلاثون شهرا لانتاج كهرباء بطاقة اردنية ليست فترة طويلة ويمكن احتمال تداعياتها اذا توفرت الارادة الوطنية في امتلاك التكنولجيا واستثمار الموارد وفقا للمعايير الوطنية , وتكريس هذا النهج في باقي الموارد سيمنح الاردن المناعة لكل الفيروسات الدخيلة ، فالاقتصاد الآمن اول عتبة للارادة السياسية .
omarkallab@yahoo.com
الدستور