لم تكشف الحكومة بعد التفاصيل الكاملة لقرار رفع الدعم التدريجي عن الكهرباء، ولا نسبه على مختلف القطاعات.
إلا أن جمعية المستشفيات الخاصة، وكعادتها دائما، بادرت إلى تهديد المواطنين برفع أسعار خدماتها في حال زادت التعرفة عليها.
المزاج العام للناس متوتر وقلق بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، والقرار المتوقع بشأن الكهرباء، ولم يكن ينقصه هذه التصريحات الاستفزازية من المستشفيات الخاصة، والتي تفتقر إلى روح المسؤولية في مرحلة دقيقة وحساسة تمر فيها البلاد.
شكوى الأردنيين من ارتفاع كلف العلاج في القطاع الخاص تفوق شكواهم من تدني مستوى الخدمات في مستشفيات القطاع العام، وضحايا الفواتير الفلكية يتوزعون على كل المحافظات. ومع ذلك، ما من أحد يريد لهذا القطاع الحيوي في الأردن أن يخسر مكانته وميزته التنافسية، لكن بدون أن يكون ذلك على حساب الناس.
يقدر خبير في القطاع الطبي أرباح المستشفيات الخاصة بما لا يقل عن 15 % سنويا؛ أي ما يعادل 15 مليون دينار.
أما قيمة التهرب الضريبي في قطاع الأطباء، فلا تقل عن 100 مليون دينار سنويا.
لكن هذه الأرقام على أهميتها لا تعكس سوى نصف الصورة. ثمة إشكاليات أكبر تتصل بدور شركات التأمين التي تعيش المستشفيات الخاصة تحت رحمتها، وأثمان الأدوية التي تزيد نسبتها من قيمة فاتورة العلاج على خمسين بالمئة، وغيرها من الإشكاليات التي تتطلب تصورا متكاملا لإصلاح القطاع الطبي، تقاعست جميع الحكومات عن التصدي له.
في البيان الصادر أول من أمس عن جمعية المستشفيات الخاصة، شكوى من ديون المرضى الليبيين والفلسطينيين التي تثقل كاهل المستشفيات، والمقدرة بنحو 25 مليون دينار. لكن ما ذنب المواطن الأردني الغلبان بهذه المديونية، وقد فتحتم أبوابكم على مصاريعها للمرضى الليبيين مثلا، وعلى حساب الأردنيين الذين لم يتوفر للكثيرين منهم سرير في معظم الأحيان؟!
يدفع المريض في المستشفى الخاص كلفة علاجه كاملة، وفوقها نسبة أرباح لكل أطراف العملية؛ أي أنه يتلقى خدمة غير مدعومة، فلماذا تحصلون على الكهرباء بأسعار مدعومة إذن؟!
ووفق بيانات لعدد من المستشفيات الخاصة، فإن قيمة فاتورة الكهرباء السنوية لا تزيد على 2 % من أرباح المستشفى. ما المشكلة لو أن المستشفى تنازل عن نسبة مماثلة من أرباحه سنويا مقابل عدم رفع أسعار خدماته على المرضى؟
توسّعَ دور القطاع الخاص الأردني في جميع المجالات؛ في الطب والتعليم على وجه الخصوص، لكنه لم يتحمل بعد حجما يوازي هذا الدور في مجال المسؤولية الاجتماعية.
تدرك المستشفيات الخاصة أن قرار رفع تعرفة الكهرباء قادم لا محالة، وتدرك أيضا أن التلويح برفع أسعار خدماتها لن يثني الحكومة عن إنفاذ القرار، فما معنى التصريحات الأخيرة غير استفزاز الناس؟!
(الغد)