جرت العادة أن يتولى النقاد من أمثالنا إلقاء الضوء على الصعوبات والتحديات التي يواجهها الاقتصاد الأردني ، في حين كان المسؤولون يركزون على الجانب المضيء ، ويؤكدون التقدم والنجاح ، وينشرون التفاؤل في المستقبل ولو على غير أساس.
الآن تبدلت الادوار ، فصار المسؤولون يكررون الحديث عن الصعوبات والتحديات ، ويقدمون توقعات متشائمة عن المستقبل ، بل إن بعضهم يشير إلى نقاط ضعف عديدة بعضها حقيقي وبعضها الآخر وهمي أو مصطنع.
هذا الانقلاب في المواقف له سبب رئيسي هو أن الحكومة تريد البحث عن أعذار مسبقة للفشل إذا حدث ، أو لاتخاذ قرارات غير شعبية ، فلماذا ُتلام إذا كانت قد عملت في ظروف صعبة. أما المحللون الذين يقدمون الوجه الإيجابي لواقع النشاط الاقتصادي فهدفهم نشر روح التفاؤل الذي يحقق ذاته ، ويشجع الاستثمارات الخارجية والداخلية ، ويحفز فعاليات القطاع الخاص على التوسع ، وبالتالي خلق نمو اقتصادي بوتيرة أعلى وتوليد فرص عمل تحول دون ارتفاع معدل البطالة.
في الحالتين فإن المسؤول الحكومي والمحلل المستقل يعملان في السياسة وليس في الاقتصاد ، ويهدفان لتحقيق أغراض معينة يريانها مفيدة لهما او تسهل أعمالهم فماذا عن الحقيقة؟.
قلنا مرة أن الفرق بين المتفائل والمتشائم أن لدى الاخير معلومات أفضل بمعنى أن التفاؤل في هذه الحالة لا أساس له في الواقع.
لكنا نرى الآن أن التشاؤم هو الرهان الرابح ، فالمتشائم يقدم تنبؤات سلبية ويقول في الوقت ذاته أتمنى أن أكون مخطئاً. وبالنتيجة تتضح الحقائق فإذا صدفت التنبؤات المتشائمة يكون المتشائم قد كسب المصداقية ، وإذا كانت النتائج بعكس ذلك فإن المتشائم يكون قد حصل على ما يتمناه.
بعبارة أخرى فإن المتشائم إما أن يكسب ثقة عامة وإما أن يكسب تحقيق أمنياته!.
الحكومة التي تقدم صورة سلبية ، وتؤكد على الصعوبات والتحديات لدرجة المبالغة سوف تجد نفسها في موقع مريح مستقبلاً ، فإذا حصل فشل اقتصادي قالت إننا اعترفنا سلفاً بالصعوبات التي تواجه الاقتصاد الأردني. وإذا حصل نجاح اقتصادي قالت إن هذا النجاح تحقق بالرغم من الصعوبات ، وذلك نتيجة قرارات وسياسات حصيفة اتخذتها الحكومة مما مكن الاقتصاد الوطني من تحقيق نتائج طيبة بالرغم من الظروف غير المواتية.
عن الرأي