سراب «الديمقراطية الإسرائيلية»
د. معن ابو نوار
31-05-2013 11:01 PM
كثيرا ما كنا نقرأ أو نسمع أو نشاهد على شاشات التلفزيون في الماضي القريب، أن الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط هي « الديمقراطية الإسرائيلية «. ومن يمعن النظر ولو قليلا في هذا الادعاء ، يجده باطلا. ففي الوقت الذي تنادي فيه جميع الديمقراطيات في العالم بتبني حقوق الإنسان ، والحريات الشخصية والعامة ، وحق تقرير المصير للشعوب والأمم، يصر الإسرائيليون قادة .. حكومة .. برلمانا .. وأحزابا سياسية وعنصرية ودينية صهيونية على تدمير كل ما تعنيه الديمقراطية للشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح ، الرازح تحت الاحتلال الصهيوني الذي يستخدم جميع الوسائل الإرهابية النفسية والبدنية القاهرة لحرية الفلسطينيين واستقلالهم وحقهم في تقرير مصيرهم.
في عصرنا الحالي لم تعد الديمقراطية ذاتية الطابع والفحوى ، بل أصبحت عالمية شاملة ، وحق رئيس وأساسي من حقوق الإنسان . ومهما بلغت صفات أي دولة ديمقراطية في قيامها على أسس الديمقراطية الحديثة ، فليس من الأخلاق والأعراف والتقاليد الدولية أو الشرف الإنساني أو المصداقية العالمية ، أن ترفض التقيد بميثاق هيئة الأمم المتحدة ؛ أو أن تعتدي على حياة الآخرين وتحرمهم من أن يقيموا ديمقراطيتهم. هذا هو الحال بين إسرائيل وفلسطين ، فأين الديمقراطية الاسرائيلية ؟
إنها حقا سراب خادع. لماذا ؟
لأن منع الحق المقدس في إقامة دولة ديمقراطية ، حرة ، مستقلة ، عن شعب عريق كالشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل التي تدعي الديمقراطية، هو بحد ذاته نفيا قاطعا للإدعاء بديمقراطيتها، وهو من ازدواج الشخصية الإسرائيلية الدكتاتورية المحتلة المتسلطة التي لا تأبه لحقوق الإنسان ، بل تقهرها في وجه ، وتدعي الديمقراطية لنفسها في الوجه الآخر.
أي دولة ديمقراطية تلك التي تنادي بالحرية والسلام والأمن لشعبها ، وهي لا زالت تحرم الشعب الفلسطيني من الحرية والسلام والأمن ؟
أي دولة ديمقراطية تلك التي قامت على أرض شعب آخر ، بعد أن طردت غالبيته منها ، وقتلت ما لا يقل عن 230 ألفا منهم لتحرم بقية ذلك الشعب من حقه في إقامة دولته على أرض آبائه وأجداده ؟
أي ديمقراطية تلك التي لا زالت تعتقل آلاف الفلسطينيين والأردنيين وتحرمهم من حرية العيش بين أحبائهم وأهلهم ؟
أي دولة ديمقراطية تلك التي نهبت غالبية ممتلكات الشعب الفلسطيني المنقولة وغير المنقولة ، وتحرم أصحابها الذين طردتهم من حقهم فيها والعودة اليها ، أليست هذه أعظم جريمة سرقة واغتصاب في تاريخ العالم ؟
وأخيرا أي دولة ديمقراطية تلك التي رفضت ولا زالت ترفض تنفيذ أكثر من ثلاثين قرار من قرارات هيئة الأمم المتحدة ، والتي وقعت معاهدة سلام وهي لا تنوي أن تنفذها ، ولا زالت تماطل في تنفيذها وتخرقها هنا وهناك دون رادع ؟
لم يعد هناك أدنى شك أن اسرائيل « الديمقراطية الذاتية « دولة ديكتاتورية ، غاصبة ، محتلة ، قاهرة لحقوق الإنسان، قاتلة النساء والأطفال الأبرياء، طاردة الشعب الفلسطيني من أرض آبائه وأجداده، سالبة لممتلكاته، قاهرة لحريته ، مانعة لحقه في تقرير مصيره.
واليوم أخذنا نرى بوضوح أن عبارة « إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط « قد غابت عن أعيننا وسمعنا ، وأن بصيرة العالم ترى حقيقة إسرائيل كما هي دون أدنى ظن دولة ديكتاتورية غاصبة متعسفة متسلطة على الشعب الفلسطيني .