توقيت مريب اختاره النواب للتوقيع على مذكرة العفو العام، وهو توقيت لا يمكن احتسابه إلا في باب البحث عن صفقة ما أو تمرير شيء ما.
أقل ما قيل حول المذكرة إنها جاءت لكي تعفي النواب من القضايا التي تخصهم، حيث يوجد نحو 80 نائبا عليهم قضايا مختلفة في المحاكم، وبعضهم عليه عشرات القضايا، فإذا جاء العفو وتم استثناء قضايا النواب، عندها على كل المشككين في نوايا القائمين على المذكرة الاعتذار، وأنا أولهم.
قد يقال الكثير عن سلبيات العفو، كما يقال أيضا عن إيجابياته، ونعرف أن العفو يأتي ضمن سياسة التهدئة والمقاربة بين الحكم والشعب، وتنفيس جانب من الاحتقان العام الذي لا تخطئه العين، الممتد من معان والطفيلة ومادبا وذيبان والكرك واربد مرورا بعمان وكل المدن والقرى والمخيمات الأردنية.
لن يضير البلاد إذا شمل العفو أي شخص، فاسد محكوم، أو فاسد لا يزال طليقا، فالفاسدون كثر، ومنذ عشرات السنين نتحدث عن الفساد، ولا نرى فاسدين، وعندما تزكم رائحة فساد أحدهم الأنوف، تخرج الأصوات المدافعة عنه، اعطونا دليلا، وكأن الفاسد غبي بطبعه ليترك دليلا وراءه.
تحملت البلاد 20 مليار دولار مديونية، ترتفع هذه الأيام بسبب العجز في الموازنة، ولم يحاكم على ذلك أحد، فلا يضير إذا زاد عدد الفاسدين الطلقاء واحدا جديدا.
ما دام الحديث متواترا عن العفو، ليتذكر النواب جيدا، أن هناك مذكرة منذ شهرين وقع عليها أكثر من 85 نائبا يطالبون بالعفو عن الجندي احمد الدقامسة، ولم يتم تحريكها رسميا عبر رئاسة مجلس النواب، وهذه قضية شعبية تحوز على اهتمام وموافقة وأمنية أغلبية الأردنيين، لو يتم تحقيقها، بعد الممارسات الصهيونية التي لا تنتهي ضد شعبنا الفلسطيني، وتدنيسهم الدائم للأقصى والمقدسات في القدس.
إن آخر عفو صدر في الأردن في العام 2011، قد استثنى الدقامسة، وإذا نجح النواب في مسعاهم في إنجاز العفو وتم استثناؤه مجددا فإن العفو بكل الأحوال سوف يكون ناقصا.
فتكفي سنوات السجن الطويلة التي ضاعت من عمر الدقامسة، وهو لم يرتكب سوى بطولة تمنح لصاحبها الأوسمة.
تكفي الدقامسة 15 عاما من الزنازين، والحبس الانفرادي، والحرمان من الحرية، والأهل والأسرة، الذي أتعبته السنوات الطوال، وأرهقت الزيارات البعيدة، عائلته ووالدته التي تقف صامدة تدافع عن ابنها البطل في كل تظاهرة، وتحمل صورته بكل شرف، كما أن أطفال الدقامسة كبروا وهم محرومون من طلة أبيهم، وها هو ابنه سيف الذي أنضجته الأيام، أصبح يطالب بالحرية لوالده.
أهم ما في العفو عن الدقامسة أنه سوف يغضب الإسرائيليين، وهذا ما نتمناه أيضا.
كل فعل نيابي أو سلوك أو مذكرة تخضع هذه الأيام للرقابة الشعبية، حتى وصلت المطالبات الشعبية حد حل المجلس عندما وقعت مشاجرة بالأيدي بين نائبين، وقد ترتفع المطالبات أكثر إذا مرر المجلس تحت حجة العفو صفقات أو تسويات مع الحكومة، وعلى النار قضية رفع أسعار الكهرباء.
(العرب اليوم)