د. عبد الرحيم ملحس مرَّ من هنا .. يا مرحبا .. يا مرحبا .. !!
عودة عودة
29-05-2013 11:13 PM
كم هو جميل و ممتع أن تكون اللقيا مع إنسان رائع هو ( الدكتور عبد الرحيم ملحس ) على الأقل مع الروح بعد أن فني الجسد ، أنه الإنسان الحق .. و الطبيب الحق .. و الوزير الحق .. و النائب الحق .. و السياسي الحق أيضاً ..!!
مساء الأربعاء الماضي كانت هذه اللقيا الجميلة ، و في أحب الأمكنة العَمانية لدى الدكتور المرحوم عبد الرحيم ملحس ( أبو غدير ) و أعني هنا ( جبل عمان ) و تحت عرائش العنب و الياسمين و براعمهما و أزهارها الطرية الندية ، و بجانبنا ورود أيار اليانعة .. و المبهجة بروائحها العطرة الزكية ، و الملتقون هنا هم " ثُلة " من مريديه و أحبائه : وهيب الشاعر و زيد حمزة و غيداء درويش و راضي الخص و محمد ملحس و مكرم مخول و عبدالله حمودة و محمد عبد الفتاح ملحس و نهلة السلطي و كاتب هذه السطور و آخرين .. و المكان بالتحديد ( منتدى الفكر الديمقراطي الأردني ) الذي يحل الآن في " قُرنة " صغيرة و بسيطة من المركز الثقافي السوفياتي عندما كان سوفياتياً و قريباً من مستشفى ملحس أول مستشفى اردني خاص و الذي أصبح الآن من ذكريات الماضي الجميل بعمان ..!!
في تلك الأمسية العمانية الجميلة تسابق " الرفاق " لعبد الرحيم في تعداد خصائله و فضائله الكثيرة و الكبيرة كإنسان و طبيب و سياسي و وزير و نائب ..، فالمرحوم " أبو غدير " ولد و ترعرع في بيئة تُقدس الحريات و تؤمن بالوحدة العربية و أنها هي الحل ، و تحرير فلسطين هو الهدف و المنهج لتقدم الأمة العربية و ازدهارها كبقية الأمم الحية , فوالده ( الدكتور قاسم ملحس ) كان من اوائل المقاومين للإستعمار و عملائه و من الأوائل في المتقدمين لمقاومة الصهيونية بالجهد و المال و التضحية بالنفس أيضاً و قد سجن و هو يسعى الى هذه الغاية النبيلة ...
و أجمع مريد و المرحوم الدكتور عبد الرحيم ملحس بأنه لم يكن رجلاً عادياً .. فقد إمتلك من الجرأة النادرة في قول الحق و التعبير عن رأيه مواجهة و دون مواربة ، و كانت ردود فعله للباطل فورية و سريعة و حاسمة أيضاً ضارباً بعُرض الحائط ما كان يمكن أن يصيبه من أذى و اضرار كبيرة ...
و وفق مُحبي الدكتور ( أبو غدير ) , أن ما يميز هذا الرجل هو خروجه عن المألوف ، فلم يكن يؤمن بالدبلوماسية منهجاً ، فقد كان يتعامل مع هموم الحياة و مشاكلها كما كان يتعامل مع المرض كطبيب جراح , لا بد من استئصال المرض من جذوره و بالجراحة و قبل أن يستشري في الجسم و يهدمه ، و هذا الطريق اختطه الدكتور ملحس في جميع مواقع المسؤولية التي اسندت اليه وزيراً و نائباً و مديراً في الخدمات الطبية الملكية في الضفة الغربية قبل 1967 و مديراً لمستشفى ملحس و غيرها ..
فعندما كان وزيراً للصحة و الذي قبله بعد تردد اعلن ودون تلعثم و بالفم الملآن و على الملأ : ( أن غذاءنا و دواءنا فاسدان ..! ) و لم يتراجع عن تصريحاته قيد أُنملة ليعود ليؤكدها في التلفزيون الأردني الرسمي مجدداً ، و هي تصريحات غير مسبوقة لأي وزير أردني و غير متكررة أيضاً ، لذا هوجم من قبل الفاسدين و طواغيت المال فرد عليهم بمقاله الشهير : ( إخس ... ) ..!!
و كصحفي في " الرأي " كان المرحوم محمود الكايد ( أبو عزمي ) رئيس التحرير يهتم بتصريحاته لصدقها و جراءتها و كان يأمر بوضعها على الصفحة الأولى و منها خبر جئت به و من الوزير نفسه عن شحنة لحوم فاسدة رفضتها وزارة الصحة المصرية ثم جاء بها " فاسدون " لإطعامها لنا بعد أن قاموا بتغيير " ليبل " انتهاء صلاحيتها للإستهلاك البشري في عرض البحر ، و قد ضبط شحنة اللحوم الفاسدة هذه الدكتور عبد الرحمن الشويكيني مدير صحة العقبة رحمه الله العام 94 من القرن الماضي ، و اتذكر تأييد د.ملحس و هو وزير صحة إضراب الأطباء لقضايا مطلبية و إن كان قد غضب كثيراً على الأطباء الذين تركوا مرضاهم و نساء يلدن .. و مات بعضهم في يوم هذا الإضراب ..!!
و عندما كان الدكتور عبد الرحيم ملحس نائباً رفض اعطاء ثقته لجميع الحكومات على مدار 4 سنوات ، كما رفض اقتناء سيارة حكومية بعكس غيره من النواب ، كما رفض السفرات المجانية بعكس زملائه النواب ، كما رفض أخذ عطايا مالية من الحكومات المتعاقبة و بحجة توزيعها على الناس لدعم الحكومات في تلك الأيام ، و عندما كان يشعر أن الحكومة ستمرر قانوناً لا يخدم الشعب و إنما يخدم الفساد و الفاسدين يفر و يهرب الى شرفة الزوار و أمام الملأ و عدسات المصورين الصحفيين .. و كل هذه الأمور الرافضة للسياسات الحكومية الفاسدة لم يفعلها أحد غيره سواء من الوزراء أو النواب و حتى احزابنا العتيدة و قياداتنا العشائرية و المناطقية المعروفة ..!!
كطبيب كان ( عبد الرحيم ) يرى المال آخر ما يفكر به فقد عالج العمال و الفقراء بالمجان حيناً و بأجور زهيدة و رمزية حيناً آخر مقتدياً بوالده د.قاسم ملحس ، ايضاً فكل من زاره كمريض للتداوي و العلاج يؤكد أن " الدكتور عبد الرحيم ملحس " طبيب ناجح و انسان عظيم و أن الطب لديه رسالة إنسانية ..
في أواخر أيامه جاء كتابة القيم كصرخة مدوية : " لماذا نحن هكذا ..؟! " متسائلاً الى متى نبقى نتغنى بالحرية و نحن ما يشبه العبيد ، كل الأمم توحدت و رفضت التجزئة بعكسنا العرب ، و هل الخلل فينا أم في غيرنا .. نعم لماذا نحن هكذا ..؟!