نتفق أولا.. أن حكايتي معك أجمل من ليالي تشرين،عذبة، مسربلة في ثنايا رعشتي، والتماعة عيني أحلى من النرجس، وهمسات ضمتني، وملامح تاهت حتى اغرقتني النشوة جنونا...
نعترف... قبل أن نذهب منفصلين كما التقينا ذات شتاء، أن خطوتي التي وشمتَها برائحتك لملمتْ حنينك الهارب، فنبع قزحا في نهاراتك، ونثرتُ الياسمين في روحك العطشى، ووسدتُ يأسك وضجرك علني أكون حلما يؤنس وحشتك، ويخفف وحدتك، فتغفو مبتسما.. كما أحببتك.. ونؤمن؛ قبل أن تهيئني للغياب، ويلفحني النسيان، أنني بلّورت دقائقي كيفما يحلو لك، ورتبت أشيائي كما اشتهيت، وحدثت الليل والمطر والشجر عنك وما استعصى علي أن أقوله لك..
كأن الذي بيننا كان يوما بيننا
ثم ارحل كما تشتهي يباسا، خريفا، غيمة شحيحة تنز رذاذها في واد سحيق ما زها يوما ولا نبت...
اذهب كما شئت؛ ناقصا، صغيرا، جاحدا، متشظيا، متلعثما... لم يعد وهجك هاجسي، ووجودك مطمعي.
كأنني أنا لست أنا.. وكأنك أنت أنت.
كن أرضا جرداء، ما سُقيت يوما ولا رُعيت من يد أشرقت في جسدك، واحتضنتك حد التعب.. كن خاويا.. لا تعيّيك ذاكرتي الآتية.. شوقك عبث، حضورك قلق، لحنك وجع، أبجديتك التي سيجتَها حولي مالحة. دفئك صقيع..وجدك هراء، عشقك هباء...
فما رأيتَ من عُلاك الا ظلك. وما كنت الاك..
وأعودُ من حيث لم تأتِ، واسمك الذي هزجت به حتى الألق ألقيت به بعيدا..
كأن الذي بيننا لم يكن.
ودعني أفتش في أيامي معك عن وردة ربما أهديتني اياها.. أتعتقد أنك فعلت شيئا مثل هذا ؟!
منحتني في عيد ما، شالا بنفسجيا أو خاتما أتزين به لأجلك ... أو مررت بطيفك لحظة ما، وأنت تُقلب عقدا أدهشك، ففاجأتني به في ميلادي هامسا :"كل عام وأنت حبيبتي".
هل تلمست أنيني حينا...فتسللت على أطرافك تهدهدني.. وانك باق هنا.
كم حسدت عاشقات وورودهن! وحقدت على رجل عاشق حمل قلبه لإمرأة يدندن:" اشتقت اليك.."
هل شغلك تعبي .. عشت تفاصيلي.. هل ترقبت الفجر في عيني؟!
كأنك أنت هو أنت.. وأنا مازلت انا..
لن أنتظرك أكثر.. ولن أبكيك.. خسارتي فيك لم تكتمل..
فلي غدي الذي ينتظرني.. وفجري وضحكي وأشيائي ووردة لم تأتني بعد..
أما كان بمقدورك ان تؤجل خاتمتنا الى حين لأعتاد غيابك..
كأنني أقول..
كل عام وأنت لم تكن يوما أنت...