هبات الصحفيين وتمويل النواب * عمر كلاب
عمر كلاب
27-05-2013 06:55 PM
ليست المرة الأولى -ولن تكون الأخيرة- التي يسأل النواب وبعض قوى المجتمع عن هبات الصحفيين من مؤسسات رسمية وشركات مساهمة عامة , بشكل يوحي بأن الصحفيين يفردون صفحات صحفهم أمام المؤسسات الرسمية وغيرها من أجل حسنة أو هبة , إسوة بمن يفرد سجادة على باب مسجد , وثمة مساهمات صحفية تدعم الأسئلة , فهناك وسائل إعلام تنشر عن هبات وأعطيات ويتم تدوالها كما النار في الهشيم , وغالبية الأسئلة وكذلك المواد المنشورة لا تستهدف القضاء على الظاهرة – إن وُجدت – بقدر ما تستهدف تحسين شروط التفاوض مع المانحين أو الحصول على هبة أسوة بمن حصل .
أمام هذا المشهد البغيض يجب على نقابة الصحفيين أن تتابع السؤال النيابي الأخير وان تلاحقه لتبيان مصداقيته من عدمها ومحاسبة كل من تلقّى هبة من مؤسسة رسمية او ملاحقة النائب الذي قدم سؤالا تشكيكيا فيه من الإدانة الكثير للمهنة والعاملين بها , ودون مواربة لا نتحدث عن المهنة والعاملين فيها بوصفهم ملائكة ولكن هذه النبرة ترتفع كلما اقدمت الصحافة على انتقاد البرلمان ولاحقت جيوب الفساد بقسوة , وباتت نكتة سخيفة يجب التصدي لها وتبيان الغث من السمين، وأطالب أن يتم نشر الإجابة بما فيها من اسماء إن ثبتت التهمة وتحويل من قبض الى مجلس تأديبي وعكس ذلك يجب وضع النائب على القائمة السوداء وتحويله الى المحكمة بتهمة القذف والتشهير, فالمهنة والصحفيون ليسوا طلقات يتراشق بها أو يطلقها كل من يصطدم مع مؤسسة أو يختلف مع جهة رسمية أو خاصة .
تستشري الآن ظاهرة اتهام الصحافة بالاسترزاق من المهنة ويتم الحديث اكثر عن الابتزاز، و-للأسف- لم نسمع عن قضية واحدة تم رفعها ضد صحيفة ورقية او الكترونية بهذا المقام , ولم نسمع أو نرى دعوة قضائية واحدة حتى إبان انتشار الصحافة الاسبوعية التي تم دفنها دون بيت عزاء وبتواطؤ من الجميع على تجربة لها الكثير وعليها الكثير ايضا , لكنها كانت أول من رفع السقف وتجرّأ على سدنة الفساد, وللمفارقة فكل من يشكو من فساد المهنة أو ابتزاز الصحافة له هو من المتورطين -بشكل أو بآخر- بالفساد أو ممن تلاحقهم التهم وتمضغ سيرتهم الألسن.
توقيت السؤال عن هبات الصحفيين فيه الكثير من المفارقة العجيبة , فهو يأتي بعد لغط نيابي وانسحاب نواب من حلقات حوارية تُعقد داخل مجلس النواب برعاية منظمات ممولة من الخارج أي من الهبات الدولية , بمعنى أن النواب بدورهم يقبلون الهبات فلماذا يعترضون على فكرة او سلوك يتعاملون معه برغبة وفم ضاحك؟!
الهبة للصحفي مرفوضة لأنها اسم الدلع للرشوة , وتورط مؤسسات رسمية بذلك يشير الى خطر أكبر , فلا أحد يقدم هبة أو رشوة دون أن يكون متورطا بأكثر من قيمتها بآلاف الأضعاف أو أنه ارتكب مخالفات جسيمة من واجب الصحافة كشفها وتقديمها للرأي العام وتقديم مرتكبها للمساءلة والمحاسبة على التبديد أو الأخطاء .
النقابة عليها واجب ملاحقة الشكوى والتأكد من صحتها وملاحقة بؤر الفساد سواء في الجسم الصحفي أو المؤسسات الرسمية والعامة , فهي بيت المهنة و واجبها حماية الجسم الصحفي من الاعتداءات والمحافظة عليه من الرجس الداخلي بالتساوي , وعلى مجلس النواب رفض تمويل مناقشاته، بخاصة مناقشات ترتيب بيته الداخلي لأن التمويل الأجنبي والخارجي حتى لو كان محليا ينتقص من النزاهة والحيادية والأهم أنه ينتقص من سيادة البرلمان على نقاشاته وقراراته .
omarkallab@yahoo.com