نعم .. محكمة عرفية للفساد!!!!
د. سحر المجالي
26-05-2013 12:40 AM
يتطلب مبدأ الشفافية مع الذات الإعتراف بأن هنالك ثغرات مفصلية في الحياة العامة الاردنية، يتمثل بالفساد الذي يعد أهم وأخطر محطاتها. فبالإضافة الى الفساد الإداري هنالك الفساد المالي.
وقد استشرى البعد الإداري للفساد في السنوات الأخيرة، وأدى الى عدم الثقة بين الحكومات المتعاقبة وبين الشعب الاردني. كما قاد الى حالة من الإحباط ، وعدم اليقين بالمستقبل بين أوساط الشعب الأردني. بالإضافة الى عدم ثقة الشعب في بعض الحكومات التي أوكل اليها مهمة القيام على مصالح الوطن والمواطن.
كما يمثل الفساد الإداري أخطر مراحل هرم الفساد، حيث يعتبر الحاضنة الأساسية للحالة الظلامية والظلالية التي ترمي بظلالها على التفاعل الاجتماعي الأردني. وبالتالي فإن الشعب الاردني ينتظر من صاحب الولاية مراجعة شاملة لكل القرارات الادارية والمالية التي اتخذت في العقد الاخير، ودراستها ومؤامتها مع القوانين النافذة ومعايير العدالة والشفافية وحفظ مقدرات الوطن من عبث العابثين والمرتزقة وتجار القصورالآخيرة.
وبالرغم من توجه هذه الحكومة المنظور فيما يتعلق بمحاربتها للفساد، وإحالتها للعديد من ملفاته الساخنة الى هيئة مكافحة الفساد، الا ان المواطن الاردني ينتظر منها تشكيل محكمة خاصة تحال إليها كافة ملفات الفساد بعد تدقيقها من هيئة مكافحة الفساد.
هذه المحكمة يجب أن تتصف احكامها بالقطعية والسرعة وغير القابلة للاستئناف، عسى ولعل أن يشفي ذلك غليل الشعب الاردني وتوقه لرؤية " لصوص" بيت مال المسلمين الذين أثروا على حساب آنات وآهات أبناء العشائر الأردنية، و بددوا مقدرات الدولة الأردنية، وأهدروا المال العام، وقوضوا أركان الدولة التي بناها الآباء والأجداد على مدى أكثر من تسعة عقود، و حرموا الشعب من حقه الطبيعي في العيش بكرامة وآمان.
كما أن الحكومة معنية بترجمة تأكيد جلالة الملك على محاربة الفساد والمفسادين، مهما كان موقعهم وصفتهم وجيناتهم. وفي هذا السياق لم يعد امام الحكومة الاردنية او هيئة مكافحة الفساد التي بها نعتز ونثق، أي عذر للتباطئ في إقتحام كهوف أكلة لحوم البشر، وإعلان الحرابة عليهم، واقتيادهم الى قفص العدالة ، ليس بصفتهم متهمين وانما مدانيين، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أكد على أن ألسنة الناس سيوف الحق وأنه " لا تجمتع أمتي على ظلالة ".
وقطعاً فإن الشعب الاردني بكافة آطيافه ليس على ضلالة، بل يؤمن ايمان مطلق بأن مديونيته بأرقامها الفلكية، وضياع مقدرات الأردن وبيعها في سوق النخاسة ما هي الا نتائج حتمية للسياسات الاقتصادية غير الحكيمة التي سادت في العقد الآخير.
كما يجب أن يدرك الجميع بأن الشعب الاردني يعرف هؤلاء الذين أفسدوا الوطن والمواطن، ومحيط بأجنداتهم وحساباتهم وتوجهاتهم، والتي قطعا لا تلتقي مع الطهر الاردني والمبادئ والاعراف والتقاليد التي تحكم الشعب الاردني.
لقد تكلم الكثير عن الفساد، لكننا ما زلنا في إنتظار معرفة النتائج، ولم نسمع بعد عن مصادرة اموال المفسدين المنقولة وغير المنقولة واعادتها للخزينة لتسديد المديونية التي أدى فسادهم الى تفاقمها ووصولها الى أرقام فلكية، ولا يعلم الا الله إلى أين ستقود نتائجها المدمرة للأردن.
فالتكن الحكومة و لنكن جميعا بمستوى طروحات الملك الذي تبرئ من كل الفاسدين، وأمر بتغليط العقوبة على كل ما يتطاول على اموال الدولة، مهما كان نسبه أو قربه منه.
كما أن الشفافية والصدق مع الذات يعني الإعتراف بوجود الفساد المجتمعي، حيث لا يقتصر الفساد على بعديه المالي والاداري وإنما للمجتمع دوره في تفشي ظاهرة الفساد.
هذا النمط من الفساد جاء كإفراز لتزاوح رأس المال مع السياسة، والذي أقره وساعد في إستشرائه بعض من مكونات المجتمع الأردني وعلى رأسهم رجال الأعمال البعيدين عن مخافة الله والإنتماء الحقيقي للوطن، مقرون ذلك بتواطيء رسمي مع هذه الحالة والله من وراء القصد.