أيتها السوسنه .. رفقا بالياسمين!
د. وليد خالد ابو دلبوح
25-05-2013 08:39 PM
طعنة اخرى في خاصرة ... ابن الوليد!
ماذا حل بك يا زمردة الشرق .. يا أجمل جميلات العرب؟ ماذا حل بك يا بلاد الماء والخضراء والوجه الحسن ... والمحن تلو المحن؟ ماذا حل بك يا عاصمة التاريخ ... يا عرين الفُل فوق الفُل ...يا قلعة الجوري ... يا قصة يوسف ...يا وجه الياسمين... يا منزل خالد ويا عنوان صلاح الدين؟ الى من نلجأ ان يُتمنا بعد اليوم ... يا مستودع سيوفنا وقبلة شموخنا وملجأ هِمَمِنا؟ الشمس ستُحجب عنك عن قريب ... يا مؤنسة القدس ... يا قمر فلسطين ... ستُحجب بأيدي وخناجر أولادك, بل أطفالك الرضّع المدللين .. باعوك بعدما باعوا اوطانهم بدراهم معدودة ... حيث تنكّر الخل في حلكة اليالي ...عن الخليل! يا من بارك فيك الرحمن والرسل والمتيمين ... وترعرع ونبت تحت ظلال عرائشك الشعر والشعراء والقوافي والسحرة والمدندنين... لا تتركينا ثورا اخر لخناجرنا ... يا حُضن خالد ... ويا حضن صلاح الدين...
ما يؤلمنا اليوم أن نرى أن جميع الدموع التي سُكبت حتى الساعة لن تساوي قطرة مما ستذرفه القلوب قبل العيون في الايام القليلة القادمة, جفت مياهك يا بردى منذ سنين قليلة, ويا ليتها لم تجف, وها نحن سنرويها بدموع قهرنا وسم مؤامرانتا من جديد. تُسن الخناجر أمام ناظريك وانت تترنحين, تُدق الكؤوس في بيوتنا ابتهاجا لميراثك ... على خاصرتك ..عن اليمين وعن الشمال متباكين... القريب منا قبل البعيد... فأي بِرٍ تنتظريه منّا يا أم الكادحين؟!
حقاّ, لم يتنازع قلبي وعقلي قط في حياتي, الا عند المسألة السوريه, فالأول يُشفق على دماء ابناءه الطاهره الزكيه والاخر يخشى ما يخشى على وحدة اراضيه وكيانه وبقائه حيث يتأمر المتامرون. فانقسمت على نفسي... ما بين قلبي وعقلي ... متخاصمان متناحران... ولا أعرف منذ حينها كيف استقيم مع قلمي لأخط في شأن سوريا ... منذ أول قطرة دم ذرفت في ميسلونك.. وأنا للحظة حائرا في أمري "جبانا" في موقفي ... لا أعرف كيف أرضي القلب والعقل اذ تخاصما معا؟!
بعض من أجمل ما قيل في الشام وبلادها:
أنشد نزار قباني في حبها وقال:
الشام قد نزلوا بأرض قل للذين
قتيلكم بالهوى مازال مقتولا
يا من على ورق الصفصاف يكتبني
شعراً .. ويزرعني في الأرض أيلولا
يا شام إن كنت أخفي ما اكابده
فأجمل الحب حبٌ بعدُ ما قيلا
وقال فيها أحمد شوقي:
وللحريةِ الحمراءِ بابٌ بكلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ
جزاكم ذو الجلالِ بني دِمَشقٍ وعزُّ الشرقِ أَوَّلُهُ دِمَشْقُ
نصرتم يومَ مِحنتهِ أَخاكم وكلُّ أَخٍ بنصرِ أَخيه حق
وقال فيها الأخطل الصغير:
قالوا: تُحب الشام؟ قلت: جوانحي
مقصــوصــة فيهــا، وقلت: فــؤادي
وقال فيها سعيد عقل:
شامُ يا ذا السَّـيفُ لم يغب
يا كَـلامَ المجدِ في الكُتُــبِ
الخاتمه: ارفقوا بأهلكم واخوانكم من أهل الشام مهما بدر منهم... يا أهل المروءة والنخوة!!
لن أجد أجمل قولا وخاتمة في بعض ما قاله خير البشر كلهمِ, عليه الصلاة والسلام فيهم وفي بلادهم/نا. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا طوبى للشام! يا طوبى للشام ! يا طوبى للشام!قالوا: يا رسول الله وبم ذلك ؟ قال: ( تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام ) ويقول أيضا عليه وسلم: إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي ، فنظرت فإذا هو نور ساطع عُمد به إلى الشام ، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام!
أبناء بلاد الخيرات والأنهار اليوم جوعى وعطشى بين ظهرانينا يتسولون ويتوسلون, بناتهم في المزاد العلني يسمسر البعض منا على ما تبقى من رمق كرامتهم, لقهر لقمة العيش, وكأن مقولة "موت وخراب ديار كتبت عليهم", فلنواسيهم وندعوا لهم وليتنافس المتنافسون في حُسن ضيافتهم ولو بشق تمرة, ولنكف عن التذمر, لاننا أهل النشامى, وهذا لقب عزيز المنال ... تُزين على صدر فقط من يستحقه! ماذا لو لا قدّر الله حصل العكس معنا, لكان اولى قبلتنا الشام ... الأم... ولن نرضى لأحد أن يخدش كرامتنا هناك ولو بنظره... فلنكن عند حسن الظن وبارك الله فيهم وفينا! فلا أطن أننا سنشبع أذا جاع الشامي ولن نكتسي اذا عرّي الدمشقي والحلبي ... فلو جاع هو اليوم سنجوع نحن حتما في الغد ... لان قدرنا ومستقبلنا وقوتنا ومياهنا وكرامتنا كُتب بمداد واحد .. ويراع واحد ... على صفيح واحد وفي أوسطهم فلسطين... سيبقوا متلاصقتين الى أبد الابدين.. امين يا رب العالمين!
أيتها السوسنه... مهما زهوت ... فلن تعتلي ... حد ظل الياسمينا
أيتها السوسنه ... مهما تجملتي ... فلن تبصري ... ومض نور قاسيونا
ايتها السوسنه ... جذورك وان أقتلعوكي كانت وستبقى في السماء... فيحاء ... ما بقينا
أيتها السوسنه ... رفقا بأمك ... رفقا بالياسمينا!