رحـلتي المفُضّلة .. *منال القطاونه
22-05-2013 08:50 PM
نكتب أحيانا تألماً وشكوى مما يثور في أعماقنا ووجداننا ... وفي أحيان أخرى نكتب نيابة عمن لا قلم له ولا صوت ... نكتب أحيانا للتنفيس وإراحة لضمائرنا المثقلة والمتعبة ... نكتب إعترافا ببشريتنا وضعفنا وزلاتنا وجنوننا ... نكتب لنؤثر ونتأثر ... فكلماتنا صرخات مخنوقة تؤلمنا وتعذبنا ولا تهدأ ولا تستقر حتى تُسمع .
وكلماتنا المكتوبة هي معالجة واقعية نعطي من خلالها لأنفسنا وللآخرين شحنة مقوية الى الوعي لنعيد توازنه من جديد ... كلماتنا المكتوبة تضعنا دائما ًفي حالة مواجهة مع ذواتنا... نكتب عزاءً لذَواتنا.... نكتب لأننا سَئِمنا الكلام الذي سَرعان ما يتبخَّر في الهواء، نكتب لأننا عُقلاء مللنا من عقولنا ، واشتهينا بعض شطحات الجنون، واختراق أسوار المستحيل ... نكتب لأننا نحب أن نكتب، وحينما نشتاق نُعانق القلم بلا استئذان، ونُراقصه بلا خجلٍ، ، يجب أن نحاول الكتابة رغم صدود القلم وجَفوة الحبر وصَمم الورق. ... نحن نكتب لنعكس رؤيتنا تجاه ما يدور حولنا لنوضح درجة تفاعلنا مع ما يحيط بنا من خلال منظور أنســاني يتابع ما يجري بدقـة .
لذا دعـونا نلُملم بـقايا أفكارنا وحروفـنا وكلماتنا حيث يقتضي الكــلام.
ونذهب في رحلـة أدبيـة تغوص مع أمواج القلـم في سـماء الأدب.
أدعو نفسي وأدعوكم لنكتب ... فالكتابة من أعظم الصور التي يتجلى فيها الحـس الجمالي بالعالم ومن حولنا وهي حالة التفريغ الإنفعـالي من خلال رصـد المشاعر والانفعالات والمواقف على الورق ....وإسـقاطها من الأعماق والتخلص من النماذج البشـرية المزعجة والشـريرة التي تســــكن عقولنا ...تلك التي تثير القلق في حياتنا ..وتخطف منّا السـعادة والاسـتقرار ...وتٌقلص خـارطة طمـوحاتنا وأحلامـنا.
وجدت في الكتابة وصفة سحرية لأننا حينما نكتب نفرغ الشـــحنات المحتبســـة في ثنايا الروح ونصبح حينها " أصدقاء لأنفـــــسنا" ... ونظل في حـالة حراك دائم بين الذات والموضوع ونداوي حينها الكثير من اعتلالاتنا....فلا شيء يلطف مناخ الحياة أكثر من وجود شيء نكتبه بصدق ونقرأه بصـــدق وندافع عنه بصــــدق .
راحتي وواحتي حينما أكون فيها مع قلمي .. واقترب من نفسي حينها أجدد اتصالي بذاتي .. وذلك نحن نعيـش قصصاً كثيرة في حيـاتنا...ونختلط بشـخصيات أخرى قد تـؤثر في مـسارنا وحيويتنا ...وفي طموحاتنا.... وإذا كتبنا على الورق هذه الأحـداث التي نمر بها ثم أعـدنا قراءتها مـرة أخرى فأنـنا في هذه الحـال سـنتعرف على تفاصـيل صغيرة مهمـة ربما تكـون هي السبب الأساسي في مخاوفنا وهمومنا حيث ان قيس بن الملوح كان رائدا في هذا المجال حينما قال:
وما أشـرف الإيقاع ألا صـبابة ولا أنشـد الشـعر ألا تـداويا
لذا أعزائي ... لا تجعل كلماتك تجلـس على أسـنان المشـط الحادة بل أطلق لها العنـان... واجعل لقلمك مقعداّ وثيرا ناعماً في حضن الأدب والفن ... وأطلق بنفسـك شعلة البداية ولا تنتظر من يطـرق عليك باب أفـكارك بل افتح باب العطاء الأدبي على مصراعيـه لحروفك كي تغـوص في كبد الأدب بلا تـردد.
أظـل ادعـوكم عـبر ســــطوري أن نجدد النشـوة الأدبية الكامنة في داخل كل واحد منا ونحولها بأناملنا إلى أشعـة ذهبـية تخترق خيوطها القلوب قبل العقول ويجب أن تكون أقلامنا كالشمس كلنا نحتاجها ببريقها وضيائها لكنها تبقى في علو شاهق .
أخـيراً ستبقى الكتابـة راحتي وواحتي ... وراحة قل نظـيرها... بل هي حالة متوقدة ومتأججة تسـتفز فينا ردود الفعل وتحفز مكامن الإبداع فيه .
سنشعر حينما نكتب براحة داخلية لا تتعداها راحة ... لان القـلم أداة سامية ونبيلة في رفع الظلم الذي صنعته أيدينا ... وتقبلته أفئدتنا ... وعملت به جوارحنا ... واعلموا أننا لو أحـسنا تحكيم عـقولنا في تصريف حروفنا حينما يقتضيه الحال ...ويرتضيه المنطق لتغير حـالنا منذ أمد بعيـد... يجب ان نظل صامدين في محراب الكلمة... وواقفين دون انحناء ... ومعتكفين في محاريب الأدب والفكر والفن ... لأننا جديرون بالحلم والحرية والتعبير والتغيير للأفضل.