العلاقة الاردنية مع بغداد تمر بظرف حساس جدا اثر اعتداء حراسات السفير العراقي في عمان على اردنيين هتفوا لصدام حسين،والتسجيل التلفزيوني اثار غضبا عارما في عمان.
السفير العراقي في عمان كان بإمكانه ان ينسحب من النشاط،بدلا من انفلات حراساته وضرب اردنيين،بهذه الطريقة،التي تتجاوز الاعراف.
البارحة وخلال لقاء لوزير الخارجية ناصر جودة مع كتاب صحفيين، تلقى الوزير اتصالا من وزير الخارجية العراقية يعتذر فيه باسم العراق عن تصرف موظفي السفارة،مؤكدا ان العلاقات بين الاردن والعراق قوية،ولن يتم السماح بتخريبها تحت وطأة هذا الموقف المؤسف.
وزير الخارجية العراقي ذاته قال لجودة ان مجلس الوزراء العراقي عقد اجتماعا امس الثلاثاء بحضور السفير العراقي في عمان،الذي كان قد غادر الاردن بعد حادثة الاعتداء واستمع منه الى شرح تفصيلي،عما حدث،وتعهد وزير الخارجية العراقي،ان تتم محاسبة من أخطأ.
الوزير جودة خلال اللقاء لم يخفف من الحادثة واعتبرها غير مقبولة ابدا،ولا يمكن تبريرها،لكنه في ذات الوقت اشار الى ان هذا التصرف عائد الى موظفي السفارة،وليس الى الدولة العراقية او الشعب العراقي،واذا كان هناك مسؤوليات فهي على من تصرف بهذه الطريقة.
قال ان العلاقات بين الشعبين العراقي والاردني يجب ان لا تتضرر تحت وطأة هذه الحادثة،ولا العلاقات بين البلدين،دون ان يعني ذلك تفريط الاردن بحقوق اي ابن من ابنائه.
المداخلة العراقية عبر وزير خارجية العراق يراد منها حصر الحادثة بتصرف حمايات السفير،دون سحبها على كل العلاقات بين الاردن والعراق.
في توقيت المكالمة بين الوزيرين كانت وزارة الخارجية قد استدعت اساسا القائم بالاعمال في سفارة العراق في عمان لابلاغه رسالة شديدة اللهجة،حول ماجرى،مع انتظار تحقيقات القضاء على خلفية ذات القصة.
حظي الملف السوري بأهمية اضافية،ايضاً،خلال اللقاء مع الوزير جودة،خصوصا،ان عمان تستضيف اليوم اجتماعا وزاريا لاحد عشر وزير خارجية،وهذا ليس مؤتمرا لاصدقاء سورية كما اشيع بالخطأ،لان مجموعة اصدقاء سورية تضم مائة وعشرين دولة فيما هذه المجموعة التي سميت باسم مجموعة روما او المجموعة الاساسية تضم احد عشر دولة،ومسمى المؤتمر سيكون اجتماع عمان الوزاري حول سورية.
هناك خلافا بين الروس والامريكيين،على خلفية الملف السوري،وهذا خلاف لم تتراجع حدته كثيرا،كما اشيع في مراكز التحليل السياسي.
واشنطن باتت تقبل جزئيا بقاء الاسد خلال المرحلة الانتقالية للحل السلمي،رئيسا بلا صلاحيات،بعد ان كانت ترفض وجوده حتى خلال المرحلة الانتقالية ،لكنها تريد رحيله بعد المرحلة الانتقالية.
الروس يريدون بقاء الاسد،مع وجود احتمالات بتخلي موسكو عن اصرارها،واجتماع عمان يأتي من اجل التوطئة لاجتماعات جنيف 2،والنجاح يقاس بثلاثة عناصر،ابرزها الصيغة التي سيتم اعتمادها للمرحلة الانتقالية في سورية،والسقف الزمني لهذه الصيغة،ومدى النجاح في تطبيق المرحلة الانتقالية للحكم في سورية.
الروس على ما يبدو لديهم مراهنات على انقسام المعارضة السورية،باعتبار ان هذه الانقسامات ستؤدي الى فشل المخطط الامريكي للاطاحة بالاسد،باعتبار ان لا جهة موحدة جاهزة لان تكون بديلا للاسد.
المفارقة ان طهران دعت الاردن وخمسين دولة اخرى لعقد مؤتمر في ايران حول سورية نهاية الشهر الجاري،وفي تزامنات قريبة من موعد المؤتمر الدولي المتوقع في العشر الاوائل من الشهر المقبل،والارجح ان الاردن لن يشارك في مؤتمر طهران.
مخاوف الاردن من الازمة السورية كبيرة تبدأ بموجات اللاجئين وتصل الى المخاوف من فشل الحل السياسي،وصولا الى ما ينتظر المنطقة من سيناريوهات خطيرة اذا فشل الحل السياسي،والواضح ان كل العناوين محتملة،ولايمكن حسم مآلات الملف السوري،الا في النصف الثاني من الشهر المقبل.
حتى ذاك ستبقى عمان تحت وطأة ملفات حساسة من العلاقة مع العراق،مرورا بالازمة السورية،وصولا الى ملف السلام الغائب الحاضر.
(الدستور)